وعلى الأبواب مع كلام كثير ومع آيات من الكتاب العزيز [١] وسور تامّة من القصار ، وقد بالغ في استيفاء ذلك الشّريف أبو الحسن في كتاب المدينة ، وذكر أنّ المسجد بقي على بناء المهدي إلى زمانه ، وقد بني بعده وغيّر أكثر الأشياء الّتي ذكر ، وقد تقدّم أنّه كان له عشرون بابا ثمّ سدّت [١١٧ / آ] إلّا الأربعة ، وقد كان وقع فيه الحريق في هذه المدّة الأخيرة ، فاحتيج إلى تجديده وإصلاح ما احترق فيه ، وأمر الملك المنصور في هذه الأعوام ببناء دار الوضوء عند باب السّلام من ناحية الغرب ، وتولى بناءها الشّيخ الصّالح [٢] الأمير المسدّد علاء الدّين الأعمى [٣] ـ وصل الله توفيقه ـ فأقام هنالك دارا متّسعة متقنة ، وأجرى إليها الماء ، وأدارها بالبيوت ، وأحدث في ذلك من الرّفق بالنّاس ، وإدخال الرّاحة عليهم ما يقصر عنه الوصف [٤] ، وقد كان الملك المنصور أمره بإقامة مثلها في مكة ، فعاق عن ذلك ما حدث بها [٥] من الفتنة الّتي تقدّم ذكرها.
[المنبر]
وأمّا المنبر ، ففي الحديث أنّ رسول الله 6 كان يخطب إلى جذع نخلة في المسجد ، فلمّا صنع له المنبر وتحوّل إليه ، حنّ إليه الجذع حنين النّاقة إلى
[١] في ط : القرآن ، وانظر تفصيل ذلك في المناسك ٣٩٠ ـ ٣٩٥.
[٣] علاء الدين الأعمى الرّكنيّ الزاهد : ناظر أوقاف القدس والخايل ، أنشأ العمائر والربط ، وأثر الآثار الحسنة في القدس والخليل والمدينة النبوية ، توفي سنة ٦٩٣ ه. وصلي عليه بدمشق. له ترجمة في نكت الهميان ١٢٣ والوافي بالوفيات ٩ / ٤٨٥ وتالي وفيات الأعيان ١٥ ـ ١٦.