ولم يقم الرّكب بالمدينة إلّا يوما وبعض يوم ، وقد استفرغت وسعي [٢] في تأمّلها وتحفّظ صفتها ، وما عسى أن يدرك من ذلك [٣] مع قلّة الإقامة وكثرة الشّواغل ، وترادف الوظائف الدّينيّة والدّنيويّة ، ولكنّه على ما كان من حال فلا بدّ من تقييد بعض ما أدركه العيان من صفتها ، وما علق بالذّكر من نعتها ، وهي [١٠٩ / آ] ـ زادها الله شرفا ـ مدينة مليحة ، ظاهرة الشّراقة والرّونق ، موضوعة في مستو من الأرض على واد به غابة عظيمة من النخّل ، وأرضها سبخة وبظاهرها حرّة [٤] سوداء ووعر. وسورها قد أثّر فيه القدم ، وتربته [٥] حمراء. ولها جملة أبواب ، لا أحصى عدّتها ، والبقيع [٦] شرقيّها ، وجبل أحد شماليّها ، وهو جبل عال إلى الحمرة ، وليس بمفرط [٧] العلوّ ، وقباء [٨] منها في جهة الشّرق تلوح مبانيه وصومعته من المدينة ، وبينهما نحو من ثلاثة أميال. وفي البقيع ـ زاده الله طهارة ـ من المزارات الشّريفة ما لا يحصره