ونكروا [١] منها ما قد نكّرته الدّمامة والذّمامة [٢] ، وجمجموا [٣] قولا رماه اللّكن [٤] عن قوس العجمة سهامه ، الحسد فيهم مضطرم النيران ، قد أفسد أمزجتهم فحالت الألوان. فإن سمعوا بفاضل فهو يوم بحران [٥] ، أخرسهم العيّ فعاذوا بالصمّات ، فإن سئلوا سكتوا لا عن كبر ولا عن إخبات [٦] ، ومنهم من أضناه الحسد فالسّكوت منه [٥٠ / آ] سبات. تمالؤوا على كلّ وصف شان ومازان ، وتواطؤوا [٧] على تطفيف المكيال والميزان. فإن عاملهم غريب ، لم يلق منهم إلّا ما يريب ، يتّخذونه هدفا ولكلّ منّهم فيه سهم مصيب ، حتّى يخرج من ماله بغير نصيب. لا ترجى منهم فيئة [٨] إنابة [٩] ، ولا تلفى فيهم فئة رأفة ولا عصابة ، ولا ينفع الغريب في معاملتهم أن يقول : لا خلابة [١٠]. حسبك ببلد أربى في الحسن على البلاد ، وله من الفضيلة كلّ طارف وتلاد [١١] ، وليس به من أهل الفضل إلّا آحاد ، قلّوا عددا واتّحدوا كلّ الاتّحاد. فهم فيهم أقلّ من التّوفيق ، غرباء بينهم في كل معنّى وطريق.
[٥] في الأصل : بوم بحران ، وفي اللسان «بحر» : والأطبّاء يسّمون التغيّر الذي يحدث للعليل دفعة في الأمراض الحادّة : بحرانا ، يقولون : هذا يوم بحران بالإضافة.