وألفوا خلال المفاوز [١] ، فهم بها أغنى عن الماء من ضبّ [٢] ، وأصبّ إلى صبّ الفواقر على فقر المسافر [٣] من صبّ ، على كل مرقب منهم عقاب يرقب الضيّفان ليقريهم أمرّ عقاب ، فما يمرّ بتلك المسالك سالك ، ولا يخطر على تلك المعابر عابر ، ولا يرد في تلك المناهل ناهل ، إلا انقضّوا عليه انقضاض الصّقور على البغاث [٤] ، وانكدروا [٥] عليه بحيث لا يغاث من استغاث ، فمزقوا أشلاءه تمزيق الدّهر للأحرار ، وعاثوا فيه عيث أويس [٦] في ثلّة [٧] وأسامة [٨] في صوار [٩] ، لا أمن لهم من عوادي الدّهر ربرب [١٠] ، ولا عذب لهم من موارد الآمال مشرب ، ولا رحل عنهم يوم حتّى يستخلف عليهم نكبة ، ولا وردت عليهم ساعة إلا بتحفة عطبة [١١] ، حتّى يصيروا عبرة للبادي والحاضر ، وأحدوثة المقيم والمسافر ، بحول الإله [١٢] الّذي يسبّحه [١٣] الضّب والنّون [١٤] ، وأمره بين الكاف والنّون.
[١] المفاوز : واحدها مفازة : الصحراء الواسعة التي لا ماء فيها.
[٢] في المثل : لا أفعله حتّى يرد الضبّ الماء ، ولا يكون كذا حتى يحنّ الضبّ في إثر الإبل الصادرة ، وهذا لا يكون لأن الضبّ لا يرد. انظر مجمع الأمثال ٢ / ٢٢٦ واللسان : ضبب.