وأما العلم عندهم فقد ركدت ريحه ، والجهل لديهم [١] لا يؤسى جريحه ، عامّ لا يتطرّق إليه الخصوص ، وظاهر جاء على وفق النّصوص. وهذا حكم استفدته من العيان ، ونتيجة الاختبار لهم والامتحان ، نعم بها آحاد الفضلاء الصّلحاء. كالشّعرة البيضاء في اللّمّة [٢] السّوداء ، يستمطر بهم المزن إذا لم يسبل سبله [٣] ، والنّادر لا حكم له.
وقد حضرت بجامعها شيخا يشار إليه ، ويعوّل في نوازل المسائل عليه ، وحواليه جماعة من أعيانها ، وأهل الخطط من سكّانها ، فقرئ عليه في المرابحة من «التّلقين» باب استبهم عليه فيه وجه الصّواب ، فخبطوا فيه خبط عشواء ، وأتوا أثناءه بكلّ شوهاء [٤] وشنعاء. فممّا جرى لهم في مسألة الغلط في الثّمن بالزّيادة أو النّقص أنّ اعتبار القيمة فيها لتختبر صحّة قول البائع أو المشتري [٤١ / آ] ، وهذا كلام لا يتحصّل في الذّهن فضلا عن صحّته وفساده ، وقالوا : إنّ القيمة لمّا اعتبرت بالثّمن كان المعتبر إذا هو الثّمن ، ثمّ نقضوا هذا الهراء [٥] بأنّ القيمة يضرب عليها الرّبح وقالوا : إنّ الثّمن يعتبر دون ربح ، وهذا هراء [٦] أشدّ من الأوّل ، وما كفاهم ذلك حتّى أخذوا في تحقيق ذلك من ألفاظ الكتاب ، بتنزيلها على وجوه الإعراب ، وبعد مجاراة [٧] طويلة ، ومماراة [٨] ليست بقليلة ، وقفتهم على ما أملوا من تلك القبائح ، الّتي لم يغد