و أما المختص بالعبارة الأخرى المذكورة في أول القطع فهو انتقاض مجرى البراءة و التخيير بالآخر في صورة دوران حكم شيء بين الوجوب و الحرمة، حيث ان مقتضى إطلاق تلك العبارة جريان البراءة في هذه الصورة لكونها من موارد الشك في الحكم، و المفروض عدم تقيد مجرى البراءة في العبارة الأخرى بإمكان الاحتياط فيه، فلا بد من جريان البراءة في هذه الصورة مع أنه (قده) اختار فيها التخيير و جعلها مجرى لهذا الأصل. أقول: تنقيح المقام منوط ببيان أمور: الأول: أن المراد بالتكليف الّذي ذكره الشيخ في مجاري الأصول هل هو خصوص النوع أم أعم منه و من الجنس؟ الإنصاف أن كلماته (قده) في ذلك مضطربة، ففي مباحث العلم الإجمالي من رسالة القطع اختار الأعمية، حيث قال: «و ان كانت المخالفة مخالفة لخطاب مردد بين خطابين... في المخالفة القطعية حينئذ وجوه... الثاني عدم الجواز مطلقا... الرابع الفرق بين كون الحكم المشتبه في موضوعين واحدا بالنوع كوجوب أحد الشيئين و بين اختلافه كوجوب الشيء و حرمة آخر... و الأقوى من هذه الوجوه هو الوجه الثاني» و في مبحث البراءة اختار كون التكليف خصوص الوجوب أو الحرمة، حيث قال في مقام تقسيم الشك إلى ما يلاحظ فيه الحالة السابقة و ما لا تلاحظ فيه: «لأن الشك اما في نفس التكليف و هو النوع الخاصّ من الإلزام و ان علم جنسه كالتكليف المردد بين الوجوب و التحريم» و قال في أول الاشتغال: «الموضع الثاني في الشك في المكلف به مع العلم بنوع التكليف بأن يعلم الحرمة أو الوجوب و يشتبه الحرام أو الواجب» و قال في المسألة الأولى من مسائل المطلب الثالث الّذي عقده لمباحث ما دار أمره