إمكان الاحتياط، فدوران حكم شيء بين الوجوب و الحرمة و الإباحة، و كذا دورانه بين الوجوب و الحرمة مجرى قاعدة التخيير بناء على هذه العبارة و العبارة الأولى المذكورة في المتن، و يكون المثال الأول من مجاري البراءة بناء على العبارة الثانية المذكورة في الهامش، لكونه شكا في نفس التكليف، إذ المفروض دورانه بين الوجوب و الحرمة و الإباحة. هذا توضيح العبارات الثلاث المذكورة في الرسائل لضبط مجاري الأصول و قد أورد المصنف (قده) على جميعها في حاشية الرسائل بوجوه بعضها مشترك بين العبارتين الأوليين المذكورتين في أول الكتاب، و بعضها مشترك بين العبارة الأولى و ما ذكره في أول البراءة، و بعضها مختص بالعبارة الأخرى المذكورة في أول القطع. أما المشترك بين العبارتين الأوليين فهو النقض بما إذا دار الأمر بين وجوب شيء و حرمة آخر كوجوب الدعاء عند رؤية الهلال أو حرمة شرب التتن، حيث ان مقتضى هاتين العبارتين أن يكون مثل هذا المثال مجرى البراءة، لكونه شكا في التكليف و هو النوع، إذ لو أريد بالتكليف أعم منه و من الجنس لم يكن من الشك في التكليف، فورود هذا النقض مبني على إرادة النوع من التكليف مع إمكان الاحتياط، الا أن مختاره فيه الاحتياط. و أما المشترك بين العبارة الأولى و بين ما ذكره في أول البراءة فهو انتقاض مجرى كل من التخيير و البراءة بالآخر في دوران حكم شيء بين الوجوب و الحرمة و الإباحة، إذ لا يمكن فيه الاحتياط، فمقتضى هاتين العبارتين هو التخيير، مع أنه (قده) اختار فيه البراءة.