عقوبة ما لم يكن عن إرادة العصيان و الطغيان على المولى، و لذا لا عقاب قطعاً على ترك الواقع في الشبهات البدوية المستند إلى ترخيص الشارع. و لأجل أن يتضح استحقاق المتجري للعقاب نقول: ان للفعل الخارجي نظير شرب الخمر عناوين ثلاثة، و لا بد من ملاحظتها حتى يظهر أن استحقاق العقوبة مترتب على أي واحد منها. الأول: عنوان الشرب من حيث هو شرب بلا إضافته إلى شيء. الثاني: كون هذا الشرب مضافاً إلى الخمر بحيث يصح أن يحمل عليه بالحمل الشائع عنوان شرب الخمر الّذي هو مبغوض المولى. الثالث: كونه مخالفة لما نهاه الشارع عنه بعد تنجزه عليه. و من المعلوم أن مناط استحقاق العقاب ليس هو الأول، و لا الثاني. أما الأول، فلان استحقاقه لو كان لصدق عنوان الشرب - المجرد عن الإضافة إلى مائع خاص - للزم استحقاقه على شرب كل مائع، لصدق عنوان الشرب بما هو شرب على تناول كل مائع، و هو بديهي الفساد. و أما الثاني، فلأنه لو كان الموجب لاستحقاق العقاب مجرد عنوان شرب الخمر للزم استحقاقه على شربه حالة الجهل به أو الغفلة عنه كاستحقاقه على الشرب حال العلم و الالتفات، لصدق عنوان شرب الخمر في الجميع، مع أنه ليس كذلك قطعاً. فتعين أن يكون المناط في استحقاق العقاب هو العنوان الثالث - أي شرب الخمر المعلوم تعلق النهي به - إذ به يصير العبد خارجاً عن رسوم العبودية و يكون بصدد الطغيان على مولاه، و من المعلوم أن هذا المناط موجود في حق المتجري كوجوده في حق العاصي، فان المتجري أيضا في مقام الطغيان على مولاه و هتك حرمته لفرض اعتقاده جزماً بأن ما يشربه هو الخمر المبغوض للمولى و ان صادف كونه خلا أو ماء، فلا بد من القول باستحقاقه للعقاب، لاشتراكه مع العاصي فيما هو الملاك