أقوال [1] بعد الاتفاق [2] على كونه مجازاً فيما يتلبس به في الاستقبال، و قبل الخوض في المسألة و تفصيل الأقوال فيها و بيان الاستدلال عليها ينبغي تقديم أُمور أحدها: أنّ المراد بالمشتق هاهنا [3] ليس مطلق المشتقات، بل خصوص بالمبدإ حال الجري و بين الذات الفاقدة له حاله [1].
[2] غرضه: تحرير محل النزاع و مصب الأقوال، و حاصله: أنّ مورد النفي و الإثبات إنّما هو بعد اتصاف الذات بالمبدإ، و أمّا قبله فلا خلاف بينهم في كون جري المشتق فعلاً على الذات من دون لحاظ التلبس بالمبدإ في المستقبل مجازاً كقولك: «زيد ضارب غداً» بإرادة الجري فعلاً و جعل - غداً - ظرفاً للتلبس لا قيداً للجري و النسبة، فالجري فعلي و التلبس استقبالي.
[3] أي: في هذا المبحث، و إلاّ فالمشتق - كما في البدائع - «يطلق لغة على مطلق أخذ شيء من شيء و اقتطاع فرع من أصل يقال: - اشتق النهر من الوادي - إذا أُخذ شيء منه، فالمشتق هو شق الشيء المأخوذ منه» انتهى، و يطلق في اصطلاح الأدباء على لفظ يؤخذ من لفظ آخر، و مجمله: أنّه ينقسم إلى ثلاثة أقسام أصغر و صغير و أكبر، و يعتبر في الأوّل الموافقة في الحروف الأصلية، بأن يكون الفرع مشتملاً على حروف الأصل و زيادة، و كذا يعتبر فيه الموافقة [1] لا يخفى: أنّ دعوى الاشتراك سواء أ كان لفظياً أم معنوياً مبنية على تركب المشتق من الذات و المبدأ حتى يتصور الجامع بين حالتي التلبس و الانقضاء، و أمّا بناءً على بساطته فلا وجه لها أصلا، لعدم جامع بين الوجود و العدم، إذ مرجع الاشتراك حينئذٍ إلى وضع اللفظ لكل من وجود معناه و هو المبدأ و عدمه، و هو باطل.