تدلّ بدلالتها المطابقيّة على إيجاد المبادلة، و بدلالتها الالتزاميّة المستفادة بحسب السياق العرفي على الالتزام بالبقاء على ما صدر منهما، و أنّ حكم الشارع باللزوم إمضاء لنفس ما أراده المتعاملان، فقد حصل الإقدام على اللزوم و البقاء أيضا، فهذا الإشكال - أيضا - غير تامّ في المقام، فالصحيح عدم جريان قاعدة (لا ضرر) في المقام، لأنّه بنفسه أقدم على الضرر. المقام الثاني: في ثبوت الإقدام على الضرر في مسألة الجنابة العمديّة و عدمه. و هنا نتكلّم تارة في صدق الإقدام و عدمه، و أخرى في أنّه إذا صدق الإقدام فهل هو إقدام يمنع عن جريان (لا ضرر) أو أنّه ليس كلّ إقدام مانعا عنه، و هذا من القسم غير المانع، فيقع الكلام في أمرين: الأمر الأوّل: في صدق الإقدام و عدمه. قد عرفت الاستشكال في صدق الإقدام بلزوم الدور بالتقريب الّذي مرّ. و لتوضيح ما هو التحقيق في المقام نتكلّم في نقاط أربع: 1 - أنّه لو صحّ قولكم: إنّ الإقدام دوري، لتوقّفه على عدم جريان (لا ضرر) المانع عن وجوب الغسل، و عدم جريانه متوقّف على صدق الإقدام. صحّ أن نقول أيضا: إنّ عدم الإقدام دوري، لتوقّفه على جريان (لا ضرر) حتّى ينفي به وجوب الغسل، فلا يكون إقدام عليه، و جريانه متوقّف على عدم الأقدام على الضرر. 2 - كأنّه يتخيّل أنّ المحال في باب الدور هو تحقّق الدائرين في الخارج دون أصل توقّف الشيء على نفسه و لو بالواسطة، مع أنّه ليس الأمر هكذا، بل تكمن الاستحالة في نفس توقّف الشيء على نفسه و لو بالواسطة، و هذا الخلط يرى في كثير من موارد تعرّضهم لإشكال الدور التي منها ما نحن فيه، فإنّه لو كان الإقدام متوقّفا على عدم جريان (لا ضرر) و بالعكس كما فرض فقد تحقّق الدور المحال، فليس هذا برهانا على عدم حصول الأقدام، بل لا بدّ أن يكون أحد التوقّفين باطلا في المقام. 3 - أنّ العام دائما يتعنون بنقيض العنوان المأخوذ في المخصّص أو الحاكم، كما في (أكرم العلماء) المخصّص ب (لا تكرم العالم الفاسق)، فإنّه يتعنون بعدم الفسق، ففيما نحن فيه يكون موضوع وجوب الغسل مع فرض الضرر معنونا بنقيض عنوان أخذ في (لا ضرر)، و هو عنوان عدم الإقدام - حسب الفرض - فتحدّد العنوان المأخوذ في وجوب الغسل متفرّع على كيفية تحدّد العنوان المأخوذ في (لا ضرر)،