نعم، لو ثبت أنّ هذه الجنابة حكمها هو الغسل فقد أقدم على الغسل، لأنّ المقدم على الموضوع عن عمد و علم مقدم على حكمه، فصدق الإقدام موقوف على كون حكم هذه الجنابة الغسل، و ذلك بعدم جريان (لا ضرر) و هو موقوف على الإقدام، فأصبح الإقدام دوريا فلا إقدام. أقول: تارة نتكلّم فيما ذكره هنا من تقريب عدم جريان (لا ضرر) في البيع الغبني بنكتة الإقدام، و أخرى في أنّ هذه النكتة هل تختصّ بمثال الغبن، و لا ترد في مثال الجنابة حتّى يتمّ الفرق أو لا؟ فيقع الكلام في مقامين: المقام الأوّل: في ثبوت الإقدام على الضرر و عدمه في مسألة البيع الغبني. يمكن أن يقال في بادئ الأمر: إنّه لا إقدام هنا على الضرر، و إنّما حال تعمّد البيع هو حال تعمّد الجنابة، فإنّ البيع بنفسه إنشاء مبادلة، و هذا الإنشاء ليس هو الضرري، و إنّما الضرري هو ما يترتّب عليه من حكمه، و هو قانونيّته و إمضاؤه عينا من قبيل أنّ الجنابة ليست هي الضرريّة، و إنّما الضرري هو ما يترتّب عليه من الحكم و هو الغسل، فالإقدام هنا - أيضا - يكون دوريا بنفس تقريب دوريّته في باب الغسل، و لا فرق بين الفرعين فأيّ شيء يثبت في أحدهما يثبت في الأخر. و لكنّ هذا الكلام واضح الفساد فإنّ البيع و إن كان مدلوله الاستعمالي هو الإنشاء، و لكن مدلوله الجدّي هو الإقدام على أثره القانوني، و تحصيل التبادل الحقيقي بين المالين، فالإقدام ثابت. نعم، هنا تقريب آخر لمنع حصول الإقدام على الضرر: و هو ما أفاده المحقّق العراقي قدّس سرّه في المقام: من أنّ الإقدام إنّما هو على حدوث المبادلة، و الحدوث ليس هو الّذي نريد رفعه ب (لا ضرر) فإنّ المفروض في البيع الغبني أنّه صحيح غير لازم، و إنّما الّذي نريد رفعه هو جانب البقاء، و هو لم يقدم على جانب البقاء، فإنّ مدلول البيع إنّما هو إحداث التمليك و التملّك«». أقول: هذا الكلام في غاية المتانة بناء على مبناه قدّس سرّه في المعاملات من أنّها لا تدلّ إلاّ على حدوث المبادلة، و أمّا لزومها و عدم لزومها فهو حكم تعبّدي صرف، و ليس إمضاء لما فعله المتعاملان. و أمّا بناء على مبنى المحقّق النائيني قدّس سرّه و الّذي هو الصحيح: من أنّ المعاملة