هذا ، ولكن الانصاف : أنه لا وقع لهذا
الاشكال ، فان وحدة الخطاب وتعدده لا دخل له بالارتباطية وعدمها ، بل الارتباطية
بين الاجزاء إنما تنشأ من وحدة الملاك القائم بمجموع الاجزاء ، فرب ملاك لا يمكن
أن يستوفى بخطاب واحد ، بل يحتاج إلى خطابين.
بل الذي يظهر من جملة من الروايات : أن
التكليف بالصلاة إنما كان بخطابين : خطاب من الله ( تعالى ) وخطاب من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم[١]
ويعبر عن الأول بفرض الله ( تعالى ) وعن الثاني بفرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو سنته ، والمراد من فرض الله ( تعالى
) هو الأركان التي لا تدخلها النسيان ، ومن فرض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم هو سائر الأجزاء التي تدخلها النسيان ،
فتعدد الخطاب لا يوجب تعدد التكليف والاستقلالية ، بل لابد من ملاحظة منشأ
الخطابين ، فان كان هو ملاكا واحدا قائما بمجموع المتعلقين فلا محالة تقع
الارتباطية بين المتعلقين ويكون المكلف به هو المجموع من حيث المجموع ، وإن تعدد
الملاك واختص كل خطاب بملاك يخصه فيتعدد المكلف به ويستقل كل من المتعلقين
بالتكليف ، واستفادة أحد الوجهين إنما يكون من الخارج : من إجماع ونحوه.
نعم : لا يبعد أن يكون الأصل في تعدد
الخطاب هو تعدد المكلف به على وجه الاستقلالية ، ولكن هذا في غير الخطابات الواردة
في باب المركبات ، فان الظاهر منها أن تكون الخطابات المتعددة مسوقة لبيان أجزاء
المركب وشرائطه.
فدعوى : أن التكليف بالجزء الزائد لو
كان بخطاب يختص بالذاكر يلزم أن يكون الجزء الزائد واجبا مستقلا غير مرتبط بسائر
الاجزاء ، ضعيفة لا تقبل الالتفات إليها.
[١] الوسائل : الباب
١ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة الحديث ١ و ٢.