وثانيا
: أن دعوى توقف وجوب الأقل على تنجز التكليف
بالأكثر لا تستقيم ولو فرض كون وجوبه مقدميا ، سواء أريد من وجوب الأقل تعلق [١] التكليف به أو تنجزه ، فإن وجوب الأقل
على تقدير كونه مقدمة لوجود الأكثر إنما يتوقف على تعلق واقع الطلب بالأكثر لا على
تنجز التكليف به ، لان وجوب المقدمة يتبع وجوب ذي المقدمة واقعا وإن لم يبلغ مرتبة
التنجز ، وكذا تنجز التكليف بالأقل لا يتوقف على تنجز التكليف بالأكثر ، بل يتوقف
على العلم بوجوب نفسه [٢]
فان تنجز كل تكليف إنما يتوقف على العلم بذلك التكليف ،
[١] في حاشية
الفرائد ما يدفع هذا الاحتمال ، فإنه صرح فيها بعدم توقف تعلق نفس الطلب بالأقل
على تنجز التكليف بالأكثر ، بل في الكفاية أيضا ما يدفع هذا الاحتمال ، فراجع
وتأمل ( منه ).
[٢] أقول : وذلك هو
العمدة في الاشكال عليه ، ومرجعه إلى منع الملازمة بين التنجيزين ، بشهادة جريان
البراءة العقلية في البين ، ولكن نقول : بأنك لو التزمت بأخذ الارتباط في الاجزاء
الواجبة في المرتبة السابقة عن الوجوب ، بحيث يكون مأخوذا في الواجب ـ كما هو صريح
جملة من كلماتك ـ كيف مجيء الأقل مستقلا في عهدة المكلف بمحض العلم به؟ مع فرض
الواجب هو الأكثر ، إذ اعتبار استقلال وجوده في العهدة بلا ضم غيره به ينافي
ارتباطه بغيره ، وحينئذ كيف يعقل تنجز الأقل مستقلا بلا تنجز الأكثر؟ مع أنه لا
نعني من تنجز إلا مجيئه في العهدة واعتبار وجوده فيه ، ولقد عرفت في الحاشية
السابقة إرجاع كلمات أستاذنا إلى هذا البيان ، وحينئذ لا يصلح رده إلا ما أشرنا
سابقا : بأن جهة الارتباط غير مأخوذ في موضوع الوجوب. وإنما جاء ذلك من قبل وحدة
وجوبه الطاري على الاجزاء بأسرها ، فما هو مأخوذ في موضوع الوجوب في الرتبة السابقة
عنه ليس إلا نفس الاجزاء بلا ارتباط لأحدهما بالآخر ، وإنما الوحدة والارتباط
طاريتان عليها من قبل وحدة حكمه ومصلحته ، وحينئذ لا قصور في مجيء نفس المعروض في
العهدة مستقلا بمحض العلم بوجوبه ولو ضمنيا ، ومن المعلوم حينئذ : أن هم العقل
أيضا تحصيل الفراغ عما كان في العهدة بايجاده وإن يشك في سقوط وجوبه لقصور في نفس
الوجوب عن السقوط ، لا لقصور في وجود متعلقه ، وأن ما قرع سمعك : من أن العقل عند
اليقين بالاشتغال لا يكتفي بالشك بالفراغ ، مرجعه إلى عدم قناعته على الشك في
إتيان ما جاء في العهدة بملاحظة قصور فيه نفسه ، لا من جهة قصور في سقوط حكمه : من
احتمال ملازمة سقوطه مع مالا يتنجز