والإباحة ما لم يحرز
ذلك الأمر الوجودي ، لا في مثل وجوب الاجتناب عن النجاسة ، وإلا لم يبق موضوع
لقوله عليهالسلام « كل شيء
طاهر حتى تعلم أنه قذر » [٢]
فادراج باب النجاسات في تلك الكبرى ليس في محله. نعم : إدراج الحكم بحل الطيبات في
تلك الكبرى في محله لو سلم عما سيأتي.
وثانياً : منع كون الطيب أمرا وجوديا ،
بل الطيب عبارة عما لا تستقذره النفس ولا يستنفر منه الطبع ، في مقابل الخبيث الذي
هو عبارة عما يستنفر منه الطبع ، فالحكم بالحلية لم يعلق على أمر وجودي ، بل الحكم
بالحرمة قد علق على أمر وجودي.
وثالثاً : سلمنا كون الطيب أمرا وجوديا
ولكن الخبيث الذي علق عليه الحرمة أيضا أمر وجودي ، والكبرى المذكورة إنما هي في
مورد لم يعلق نقيض الحكم المعلق على أمر وجودي ، على أمر وجودي آخر ، وإلا كان
المرجع عند الشك في تحقق أحد الأمرين الوجوديين ـ اللذين علق الحكمان المتضادان
عليهما ـ إلى الأصول العملية ، وهي في مورد البحث ليست إلا أصالة الحل ، ولا يجرى
استصحاب الحرمة الثابتة للحيوان في حال حياته ، فان للحيوة دخلا عرفا في موضوع
الحرمة ولا أقل من الشك ، فلا مجال للاستصحاب والطهارة ، فالأقوى : ثبوت الملازمة
بين الحل والطهارة في جميع فروض المسألة ، فتدبر جيدا.
هذا تمام الكلام في الشبهة التحريمية
الحكمية إذا كان منشأ الشبهة
والأموال ، فان
المدرك عندهم هو الأصل المزبور لا غيره ، كما أن الحكم بالنجاسة في المثال الأول
أيضا ربما تكون ب « قاعدة المقتضى والمانع » لو لم نقل بجريان الأصل في الأعدام
الأزلية ولو في أمثال هذه الأوصاف الزائدة عن الذات وغير الملازمة معها ، وإلا ـ
كما هو التحقيق ـ فالأمر في كثير من الفروع السابقة واضح من جهة الأصل الموضوعي
فيها ، فراجع وتدبر.
[٢] مستدرك الوسائل
: الباب ٢٩ من أبواب النجاسات الحديث ٤. هذه العبارة هي عبارة الصدوق في المقنع.