وقد تخيّل « شارح الروضة
» : أن باب النجاسات واللحوم من صغريات تلك الكبرى ، بتقريب : أن النجاسات في
الشريعة معدودة محصورة في عناوين خاصة ـ كالدم والميتة والكلب والخنزير وغير ذلك ـ
وقد علق وجوب الاجتناب على تلك العناوين الوجودية ، فلابد في الحكم بالنجاسة ووجوب
الاجتناب من إحراز تلك العناوين ، ومع الشك في تحقق العناوين يبنى على الطهارة ،
وحيث إن الحيوان المتولد من طاهر ونجس لم يعلم كونه من العناوين النجسة يبنى على
طهارته. وكذا جواز التناول والأكل قد علق في الشريعة على عنوان الطيب ، كما قال
تعالى : « أحل لكم الطيبات » والطيب أمر وجودي عبارة عما تستلذه النفس ويأنس الطبع
به ، والحيوان المتولد من حيوانين : أحدهما مأكول اللحم والآخر غير مأكول اللحم ،
لم يعلم كونه من الطيب ، فلا يحكم عليه بالحلية وجواز الأكل ، بل ينبغي البناء على
حرمته ظاهرا ما لم يحرز كونه من الطيب. هذا غاية ما يمكن أن توجه به مقالة « شارح
الروضة ».
ولكن يرد عليه أولا : أن الكبرى ـ وهي
ان تعليق الحكم على أمر وجودي يقتضي إحرازه ـ وإن كانت من المسلمات ، إلا أن ذلك
في خصوص ما علق فيه الحكم الترخيصي الإباحي على عنوان وجودي ، لا الحكم العزيمتي
التحريمي ، فان الملازمة العرفية بين الأمرين إنما هي فيما إذا كان الحكم لأجل
التسهيل والامتنان وقد علق على أمر وجودي [١]
فلا يجوز الحكم بالترخيص
[١] أقول : الأولى
أن يمنع استفادة الملازمة الظاهرية من الكبريات الواقعية ، لعدم اقتضاء الكبرى
الواقعية إلا إناطة الحكم ـ من إباحة أو غيرها ـ على أمر وجودي واقعا ، بلا نظر
إلى مرتبة الجهل بالمنوط به أو المنوط. واستفادة العرف من هذا الخطاب الواقعي حكما
وإناطة ظاهرية غلط ، كيف! ولا خصوصية لمثل هذا الخطاب في ذلك ، فيلزم الالتزام
بهذه الاستفادة في كل خطاب ، وهو كما ترى! ومجرد كون الحكم امتنانيا لا يقتضي
الملازمة المزبورة في خصوصه ، إذا العرف لا يفرق في منع الملازمة بين الحكم
الواقعي والظاهري بين الأحكام الامتنانية وغيرها ، لجريان المناط في سائر الأحكام
في ذلك أيضا ، كما لا يخفى.
وحينئذ لولا الأصل الموضوعي
لا مجال للحكم بعدم الفرق في الفروع السابقة ، خصوصا في الأعراض