الرفع التشريعي
كالنفي التشريع ليس إخبارا عن أمر واقع بل إنشاء لحكم يكون وجوده التشريعي بنفس
الرفع والنفي ، كقوله صلىاللهعليهوآله
« لا ضرر ولا ضرار » وكقوله عليهالسلام
« لا شك لكثير الشك » ونحو ذلك مما يكون متلو النفي أمرا ثابتا في الخارج.
وبالجملة : ما ورد في الأخبار مما سيق
في هذا المساق سواء كان بلسان الرفع أو الدفع أو النفي إنما يكون في مقام تشريع
الأحكام وإنشائها ، لا في مقام الإخبار عن رفع المذكورات أو نفيها حتى يحتاج إلى
التقدير ، وسيأتي معنى الرفع التشريعي ونتيجته.
والغرض في المقام مجرد بيان أن دلالة
الاقتضاء لا تقتضي تقديرا في الكلام حتى يبحث عما هو المقدر.
لا أقول : إن الرفع التشريعي تعلق بنفس
المذكورات [١]
فان المذكورات في الحديث غير « ما لا يعلمون » لا تقبل الرفع التشريعي ، لأنها من
الأمور التكوينية الخارجية ، بل رفع المذكورات تشريعا إنما يكون برفع آثارها
الشرعية ـ على ما سيأتي بيانه ـ ولكن ذلك لا ربط له بدلالة الاقتضاء وصون كلام
الحكيم عن اللغوية والكذب ، بل ذلك لأجل أن رفع المذكورات في عالم التشريع هو رفع
ما يترتب عليها من الآثار والأحكام الشرعية ، كما أن معنى « نفي الضرر » هو نفي
الأحكام الضررية ، فتأمل جيّداً.
هذه الأمور حقيقة
فهو غلط ، وإن كان العرض جعل الشارع رفعها تنزيلا فهو يناسب مع الإخبارية أيضا ،
وإن كان الغرض عدم جعلها في موارد أحكامه وتشريعاته فهو رفع حقيقي لهذه الأمور في
دائرة أحكامه لا مطلقا ، فلا يخرج هذا الرفع أيضا عن التكوين ، غايته في مورد خاص
، إذ مرجع هذا المعنى إلى رفع الخطاء حقيقة في الشرعيات ، وهكذا ، فهو عين الرفع
الحقيقي لها ، غاية الأمر لا مطلقا ، وهذا المعنى أيضا قابل للإخبارية ، فلا يبقى
في البين إلا توهم تشريع الرفع بجعله غير ما ذكرنا ، وعليه بشرحه ، وهذا الذي لا
نفهم له معنى محصلا.
[١] أقول : لا مجال
لهذا الكلام ، إذ مرجع الرفع التشريعي إلى رفع الأمور الواقعية في عالم التشريع ،
ومرجع هذا الرفع إلى رفع أثره ، وهذا عين قابلية الأمور التكوينية للرفع التشريعي
، فلا معنى لقوله توضيحا لمرامه « لا أقول » إلى آخره ، خصوصا لا يفهم فرق بين
الرفع التشريعي وبين رفع المذكورات تشريعا ، فتدبر.