كان بمعنى الماضي لا
يعمل عمل الفعل ، وهذا الكلام منهم ربما يوهم المنافاة لما اتفقوا عليه : من عدم
دلالة الأسماء على الزمان ، هذا.
ولكن قد عرفت عدم المنافاة ، إذ ليس
المراد من الحال والاستقبال في قولهم : يعمل عمل الفعل ـ هو زمان الحال والاستقبال
، بل المراد حال تلبسه بالمبدء أو تلبسه فيما بعد في مقابل من كان متلبسا في
السابق ، مع أنه لو فرض ان مرادهم من الحال والاستقبال هو زمان الحال والاستقبال ،
فلا يلازم ان يكون اسم الفاعل بنفسه يدل على زمان الحال والاستقبال ، حتى ينافي
قولهم بعدم دلالة الأسماء على الزمان ، بل يمكن استفادة زمان الحال والاستقبال من
وقوع اسم الفاعل في طي التركيب ، حيث إن الكلام إذا كان مشتملا على الرابط الزماني
: من ـ كان وأخواتها ـ أو السين وسوف الذين لا يدخلان الا على الفعل المضارع ، فلا
محالة يستفاد منه الزمان الماضي أو زمان الاستقبال ، كقولك : كان زيد ضاربا ، أو
سيكون زيد ضاربا. وان لم يكن مشتملا على الرابط الزماني كقولك : زيد قائم ، أو زيد
ضارب ، فيستفاد منه زمان الحال بمقتضى ظهور اطلاق الكلام في ذلك ، وهذا معنى قولهم
: ان الجملة الحملية ظاهرة في زمان الحال ، حيث إن الاخبار عن شيء يقتضى تحقق
المخبر به في زمان النطق إذا لم تكن الجملة مشتملة على ما يصرفها عن هذا الظهور ، من
الروابط الزمانية التي يستفاد منها المضي والاستقبال ، فلا منافاة بين قولهم : بعدم
دلالة الأسماء على الزمان ، وبين قولهم : ان اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو
الاستقبال يعمل عمل الفعل ، وقولهم : ان الجملة الخبرية ظاهرة في تحقق المخبر به
في زمان النطق ، فان ظهور الجملة في ذلك انما يكون لمكان الاطلاق وعدم اقترانها
بالرابط الزماني ، كما أن كون اسم الفاعل بمعنى الاستقبال انما يكون بالرابط
الزماني ، لا ان نفس اسم الفاعل يدل على الزمان.
وحاصل الكلام
: ان البحث في باب المشتق ، انما يكون في مفهومه الافرادي من أنه حقيقة في خصوص
المتلبس ، أو الأعم منه ومما انقضى عنه التلبس؟ وكلامهم في ظهور الجملة الخبرية في
تحقق المخبر به في حال النطق ، انما هو لمكان النسبة وظهور تركيب الكلام في ذلك
عند خلوه عما يدل على تحقق المخبر به في