والأظهر من هذه الاحتمالات بحسب الأصول
اللفظية : هو الاحتمال الأول ، إذ الاحتمال الثاني قد تقدم ضعفه ، من حيث إن
الأصول اللفظية الجارية في المقيد لمكان كونه قرينة تكون حاكمة على الأصول اللفظية
الجارية في المط ، فيكون ظهور الامر في المقيد في الوجوب مقدما على ظهور المط في
الاطلاق ، ولا تصل النوبة إلى حمل الامر في المقيد على الاستحباب ، لان حمله على
الاستحباب انما هو من جهة ظهور المط في الاطلاق وأقوائية ظهوره في ذلك من ظهور
الامر في المقيد في الوجوب ، وعلى فرض التساوي يتردد الامر بين الامرين : بين حمل
المط على المقيد ، وبين حمل امر المقيد على الاستحباب ، هذا. ولكن قد عرفت : انه
في باب القرينة وذيها لا يلاحظ أقوى الظهورين ، بل يكون ظهور القرينة وان كان أضعف
مقدما على ظهور ذيها وان كان أقوى ، فالاحتمال الثاني ساقط.
وكذا الحال في الاحتمال الثالث ، بل هو
أضعف من الثاني ، فإنه يلزم رفع اليد عن ظهور الامر المقيد في كون الواجب هو
الجملة المركب من القيد والمقيد ، إذ لو حمل الامر فيه على كونه لبيان كون القيد
من الواجب في الواجب يلزم ان يكون الواجب في قوله : أعتق رقبة مؤمنة ، هو خصوص
القيد ، وانه سيق لبيان وجوب ذلك فقط ، وهذا ينافي ظهوره في وجوب الجملة والمركب
من القيد والمقيد ، فحمله على وجوب خصوص القيد يوجب هدم ظهوره بالمرة ، بل ذلك
أردأ من حمل الامر فيه على الاستحباب ، لان حمل الامر على الاستحباب ليس بعزيز
الوجود ، بخلاف حمله على ذلك ، فإنه يحتاج إلى دليل قوى مفقود في المقام.
فبقى الاحتمال الرابع ، وهو تعدد
التكليف ، وقد تقدم ان تعدد التكليف وكون الواجب هو كل من المط والمقيد ينافي كون
المطلوب هو صرف الوجود مع كون التكليف بالمقيد الزاميا ، فان معنى الالزام هو عدم
الرضا بخلو صفحة الوجود عن المقيد وانه لابد من اشغال صفحة الوجود به ، وهذا بخلاف
المط فإنه يقتضى جواز ترك القيد ، فيتحقق التنافي بينهما ، ويتعين ح حمل المط على
المقيد جمعا بين الدليلين ، فتأمل جيدا. هذا كله فيما إذا كان التكليف بالمط
والمقيد الزاميا.