فليست بمعنى ان لها
افراد يمكن حمل الكلي عليها ، إذ المعنى الحرفي انما يكون ايجاديا موطنه الاستعمال
، ولا معنى لحمل ما يكون موطنه الاستعمال وما يكون ايجاديا على غيره ، إذ ليس هناك
خارج وراء نفسه يمكن ان يحمل عليه ، بل هو بنفسه من الخارجيات ، والخارجيات ليس
لها خارج وراء نفسها ، كما كان للمفاهيم الاسمية خارج يصح حملها عليه.
وحاصل الكلام : ان المفاهيم
الاسمية انما تقع في عقد الحمل
، ويكون عقد الوضع مصداقا من مصاديقه الخارجية ، كما يقال : زيد انسان. واما
المفاهيم الحرفية ، فلا يصح ان تقع في عقد الحمل ، إذ هي بنفسها من الايجاديات
الخارجية ، وليس لها مصداق خارجي يصح حملها عليه ، بل المعاني الحرفية دائما تقع
في عقد الوضع ، ويكون المحمول مفهوما اسميا. كما يقال عند قولك يا زيد ، هذا نداء ،
أي ما وجد بقولك يا زيد مصداق من مصاديق كلي النداء ، وهذا لا ينافي كلية المعنى
الحرفي ، إذ قد عرفت المراد من الكلية في المعنى الحرفي مع حفظ أركانه الأربعة
المتقدمة : من كونه ايجاد معنى في الغير في موطن الاستعمال مغفولا عنه ، وهذه
القيود الأربعة كلها لا تنافى كلية المعنى الحرفي ، بعد ما عرفت المراد من الكلية
: من أن الذي يوجد ب ( من ) مثلا في جميع مواطن الاستعمالات معنى واحد بالهوية
الذي لا يمكن تصوره ولا التعبير عنه الا بتوسط المفاهيم الاسمية ، بحيث لا يمكن ان
يقع ذلك المعنى بنفسه في جواب ما هو ، بل الذي يصح ان يقع في جواب ما هو ، هو وجه
المعنى وعنوانه من المعاني الاسمية. كما يقال : في جواب السؤال عما يوجد ب ( من )
نسبة ابتدائية ، ومعلوم ، ان كلا من لفظة ( النسبة ) و ( الابتدائية ) له مفهوم
اسمى ، ولكن ذلك المفهوم الأسمى يصلح ان يكون معرفا للمعنى الحرفي الذي يوجد ب (
من ) لما عرفت : من أن نسبة المعنى الحرفي إلى المفهوم الأسمى نسبة المصداق إلى
المفهوم ، ومن المعلوم : ان المفهوم يكون وجها وعنوانا لمصاديقه ، ومعرفة الشيء
بوجهه بمكان من الامكان.
وبالجملة : الكلية المتنازع فيها في
الحروف ، انما هي بمعنى ان ما توجده لفظة ( من ) في جميع الاستعمالات معنى واحد
بالهوية والحقيقة ، وتكون الخصوصيات