يجرى الأصل الا
بمفاد ليس الناقصة ، ولا اثر للعدم الأزلي الا على القول بالأصل المثبت.
فما افاده صاحب
الكفاية ( قده ) من كفاية العدم الأزلي وجريان الأصل بمفاد ليس التامة مما لا يمكن
المساعدة عليه ، فتأمل في أطراف ما ذكرناه جيدا.
هذا كله فيما إذا كان المخصص لفظيا ، وقد
تبين عدم صحة التعويل على العام في الشبهات المصداقية ، الا إذا كان هناك أصل
موضوعي ينقح حال المشتبه.
وأما إذا كان
المخصص لبيا من اجماع ، أو عقل ضروري ، أو نظري ، فقد تداول في لسان المتأخرين جواز
التمسك بالعام عند الشبهة المصداقية فيه. والظاهر : ان أول من أفاد ذلك هو الشيخ (
قده ) على ما في التقرير ، وتبعه من تأخر عنه ، هذا. [١]
ولكن التحقيق : انه لا فرق في ذلك بين
المخصص اللبي والمخصص اللفظي فإنه على كل حال يكون نقيض الخارج قيدا للموضوع ، ولا
يصح التعويل على العام مع الشك في الموضوع ، فبعد ما ثبت كون الشيء مخصصا لا يفرق
الحال فيه بان يكون دليل المخصص لفظيا ، أو لبيا. والظاهر : ان لايكون مراد الشيخ
( قده ) ومن تبعه هذا المعنى من المخصص ، أي ما كان قيدا للموضوع ، وان كان
التعبير بالمخصص اللبي يعطى ذلك ، الا انه من المسامحة في التعبير. فالأولى ان
يقال : انه لو ورد عام ، وعلم أن المولى لا يريد جميع ما ينطبق عليه عنوان العام
كيفما اتفق ، فان كان الذي لم يتعلق ارادته به من العناوين التي لا تصلح الا ان
تكون قيدا للموضوع ـ ولم يكن احراز انطباق ذلك العنوان على مصاديقه من وظيفة الآمر
والمتكلم ، بل كان من وظيفة المأمور والمخاطب ـ ففي مثل هذا يكون حال المخصص اللبي
كالمخصص اللفظي ، في عدم صحة التعويل على العام فيما شك كونه من مصاديق الخارج ، وذلك
كما في
[١] مطارح الأنظار ،
الهداية الثالثة من مباحث العام والخاص ص ١٩٢ وتبعه في ذلك صاحب الكفاية قدسسره بالنسبة إلى خصوص المخصص اللبي
المنفصل. واما فيما كان كالمتصل بحيث يصح ان يتكل عليه المتكلم إذا كان بصدد
البيان في مقام التخاطب ، فاختار فيه عدم حجية العام في المصداق المشتبه معللا
بأنه لا ينعقد معه ظهور للعام الا في الخصوص. ( كفاية الأصول ، الجلد الأول ، ص
٣٤٣ )