المثال لما كان
المتعلق واحدا ، وهو صوم اليوم ، ولم يكن هناك ظهور لفظي في تعدد التكليف والطلب ،
لان قوله ثانيا : صم يوما ، لايكون ظاهرا في التأسيس الا من جهة الظهور السياقي ، والظهور
السياقي لا يقاوم الظهور اللفظي في وحدة المتعلق ، بل الظهور اللفظي في وحدة
المتعلق أقوى من الظهور السياقي في كون الطلب الثاني للتأسيس ، ولأجل ذلك يحمل على
كونه للتأكيد. ولو سلم انه ليس بأقوى ، فلا أقل من أنه يوجب التوقف. وأين هذا من
مسألة تداخل الأسباب التي سيأتي ان الظهور اللفظي فيها يقتضى عدم التداخل ، فلا
ملازمة بين المسئلتين.
إذا عرفت
هذه الأمور فاعلم : ان الأصل اللفظي يقتضى عدم تداخل الأسباب والمسببات. اما عدم
تداخل الأسباب فتوضيحه : هو ان تعلق الطلب بصرف الوجود من الطبيعة وان كان مدلولا
لفظيا ، الا ان عدم قابلية صرف الوجود للتكرر ليس مدلولا لفظيا ، حتى يعارض ظاهر
القضية الشرطية في تأثير كل شرط لجزاء غير ما اثره الآخر ، بل من باب حكم العقل
بان المطلوب الواحد إذا امتثل لا يمكن امتثاله ثانيا. واما ان المطلوب واحد أو
متعدد ، فلا يحكم به العقل ، ولا يدل عليه اللفظ ، ولذا اختلف في دلالة الامر على
المرة والتكرار. وبعبارة أخرى : وضعت صيغة الامر لطلب ايجاد الطبيعة ، والعقل يحكم
بان ايجاد الطبيعة يحصل باتيانها مرة فلا موجب لاتيانها ثانيا ، وهذا لا ينافي ان
يكون المطلوب ايجادها مرتين ، بحيث يكون امتثال كل مرة كافيا لامتثال مطلوب ، أي
لو دل الدليل على أن المطلوب متعدد لا يعارضه حكم العقل على أن امتثال الطبيعة
يحصل باتيانها ، لان كل مطلوب يحصل امتثاله باتيانه مرة عقلا. اما ان المطلوب
متعدد أولا ، فلا يحكم به العقل. فإذا دل ظاهر الشرطيتين على تعدد المطلوب لا
يعارضه شيء أصلا.
ومما ذكرنا انقدح : ما في تقديم ظهور
القضيتين من جهة كونه بيانا لاطلاق الجزاء ، لأنه على ما ذكرنا ظهور الجزاء في
الاكتفاء بالمرة ليس من باب الاطلاق أصلا ، حتى يقع التعارض ، بل يكون ظهور القضية
الشرطية في تأثير الشرط مستقلا في الجزاء رافعا حقيقة لموضوع حكم العقل : بان
المطلوب واحد يحصل امتثاله باتيانه مرة ، وواردا عليه ، بل على فرض ظهور الجزاء في
المرة يكون ظهور الشرطية