التداخل ، ومجرد
قابليته للتأكد لا يوجب اثرا عمليا ، كما هو واضح.
الرابع
:
ربما يبتنى
النزاع في المقام على كون الأسباب الشرعية معرفات أو مؤثرات ، فعلى الأول : فالأصل
التداخل ، وعلى الثاني : فالأصل عدم التداخل.
ولكن الانصاف : ان قضية كون الأسباب
الشرعية معرفات أو مؤثرات مما لا محصل لها ، فإنه ان كان المراد من الأسباب
الشرعية هي موضوعات التكاليف ، فدعوى كونها مؤثرة أو معرفة مما لا ترجع إلى محصل ،
لان موضوع التكليف ليس بمؤثر ولا معرف ، الا إذا كان المراد من المؤثر عدم تخلف
الأثر عنه فيستقيم ، لان الحكم لا يتخلف عن موضوعه ، الا ان اطلاق المؤثر على هذا
الوجه مما لا يخلو عن مسامحة.
وان كان المراد من الأسباب المصالح
والمفاسد فهي مؤثرة باعتبار ( من حيث تبعية الاحكام لها ) ومعرفة باعتبار ( من حيث
إنها لا تقتضي الاطراد والانعكاس ) كما هو شأن الحكمة ان كان المراد من المعرف هذا
المعنى ، أي عدم الاطراد والانعكاس. وعلى كل حال : الكلام في المقام انما هو في
الشروط الراجعة إلى موضوعات التكاليف ، واطلاق المعرف على ذلك مما لا معنى له.
الخامس
:
قد يقال
: ان القول بعدم تداخل المسببات والأسباب يستلزم القول بتعدد التكليف والمكلف به ،
في مثل قوله : صم يوما وصم يوما ، مع أن المحكى عن المشهور : القول بكفاية صوم يوم
واحد في المثال وحمل الطلب الثاني على التأكيد لا التأسيس. ومن هنا ربما يتوهم : المنافاة
بين المحكى عن المشهور في مثل المثال ، وبين المحكى عنهم في مسألة تداخل الأسباب
والمسببات ، حيث إنهم ذهبوا إلى عدم التداخل ، ويتخيل ان القول بكفاية صوم يوم
واحد في المثال يرجع إلى القول بتداخل الأسباب ، حيث إن كل طلب سبب لايجاد متعلقه ،
فالاكتفاء بصوم واحد يرجع إلى تداخل الطلبين واقتضائهما ايجاد متعلق واحد ، هذا.
ولكن التحقيق : ان المثال ليس من تداخل
الأسباب والمسببات ، فان