باطلاق الشرط وجريان
مقدمات الحكمة على الانحصار ، فان استناد المعلول إلى علته المنحصرة وغير المنحصرة
على نسق واحد ، إذ في العلة الغير المنحصرة يكون المعلول مستندا إليها ، على نحو
استناده إلى المنحصرة ، هذا.
ولكن لا يخفى عليك
: ان هذه الكلمات كلها أجنبية عن مسألة استظهار المفهوم للقضية الشرطية ، بل
استظهار المفهوم لها يحتاج إلى بيان آخر. وحاصله : هو انه قد عرفت ان المفهوم
عبارة عما يكون لازما للكلام ، ويكون الكلام دالا عليه بالدلالة الالتزامية
بالمعنى الأخص ، والدلالة الالتزامية للكلام لا تكون الا إذا كان الكلام مشتملا
على خصوصية توجب ذلك ، بحيث تكون تلك الخصوصية مما أنيط بها المحمول في الكلام ، سواء
كان المحمول من سنخ الأحكام الشرعية ، أو غيرها ، على وجه يدور المحمول مدار تلك
الخصوصية ، فإنه عند ذلك يدل الكلام بالدلالة الالتزامية على انتفاء المحمول عند
انتفاء الخصوصية ، فلو لم تكن تلك الخصوصية مما أنيط بها المحمول لايكون انتفاء
الخصوصية موجبا لانتفاء المحمول. وهذا المعنى لا يختص بالقضية الشرطية ، بل في
جميع القضايا التي تكون من ذوات المفهوم لابد ان تكون على هذا الوجه ، أي تكون
مشتملة على خصوصية قد أنيط بها المحمول ، وليست القضية الشرطية تختص بذلك ، فان كل
قضية حملية تتضمن القضية الشرطية يكون موضوعها المقدم ومحمولها التالي. ومن هنا
قلنا : ان كل شرط يرجع إلى الموضوع ، ويكون معنى ( ان جائك زيد فأكرمه ) هو ان زيد
الجائي يجب اكرامه.
إذا عرفت ذلك ، فنقول : ان الشرط الذي
تتضمنه القضية الشرطية ، تارة : يمكن ان يناط به المحمول منوطا بذلك الشرط ، وأخرى
: لا يمكن جعل الإناطة ، بل يكون المحمول بنفسه منوطا بالشرط تكوينا ، بحيث لا
يعقل تحققه بدون تحقق الشرط ، فان كان الشرط على الوجه الثاني فليس للقضية مفهوم ،
لان القضية تكون حينئذ مسوقة لبيان فرض وجود الموضوع ، مثل : ان رزقت ولدا فاختنه ،
وان ركب الأمير فخذ ركابه ، حيث لا يعقل ختان الولد واخذ ركاب الأمير الا بعد تحقق
الشرط ، فالمحمول في مثل هذا لا يمكن ان يقيد بالشرط ويناط به ، إذا التقييد فرع
امكان الاطلاق. والمحمول الذي يتوقف على الشرط عقلا لا يمكن فيه الاطلاق ، فهو