الوجود ، وهو بهذا
المعنى جامد لا يتصرف. ولتفصيل الكلام في ذلك محل آخر ، إذ البحث عن ذلك لا ربط له
بالمقام.
واما مفاد الجملة الشرطية ، وان الشرط
إلى أي شيء يرجع ، فقد تقدم البحث عن ذلك مفصلا في الواجب المشروط [١] وقلنا : ان التعليق لا يرجع إلى النسبة
، وان كان يظهر من عبارة التهذيب ذلك ، حيث عرف القضية الشرطية : بما حكم فيها
بثبوت نسبة على تقدير أخرى. بل التعليق والشرط يرجع إلى المحمول المنتسب ، لا نفس
المحمول بمعناه الافرادي ، حتى يرجع التقييد إلى المادة ويكون شرط الواجب ، بل
يرجع إلى المحمول المنتسب. وبذلك دفعنا اشكال : ان النسبة معنى حرفي والمعنى
الحرفي غير قابل للتقييد لان التقييد يستدعى لحاظ المقيد معنى اسميا ، فراجع ما
تقدم منا في الواجب المشروط. والمهم في المقام ، هو البحث عن المدلول الالتزامي
للقضية الشرطية ، المعبر عنه بالمفهوم.
فاعلم : ان ثبوت المفهوم للقضية الشرطية يتوقف
:
على كون الترتب بين الجزاء والشرط ناشئا
عن علاقة ثبوتية في نفس الامر والواقع ، وليس الترتب بينهما لمجرد الاتفاق
والمصادفة ، كما في قولك : إذا كان الانسان ناطقا فالحمار ناهق ، إذ لا علاقة بين
نهيق الحمار ونطق الانسان في نفس الامر ، بل العلاقة بينهما تكون علاقة جعلية
لحاظية.
وعلى ان يكون الترتب ترتب العلية
والمعلولية ، بان تكون العلاقة بين الجزاء والشرط علاقة العلية والمعلولية لا
علاقة التلازم والتضايف ، وأن تكون العلة هو المقدم والشرط لا التالي والجزاء ، وأن
يكون الشرط علة منحصرة لا يخلفه شرط آخر ، ولا يكون لشيء آخر دخل في عليته.
فإذا تمت هذه الأمور للقضية الشرطية كان
لها مفهوم ، وإذا انتفى أحد هذه الأمور لم يكن للقضية مفهوم. والسر في اعتبار هذه
الأمور واضح ، فإنه لو لم يكن بين
[١] راجع الجزء
الأول من الكتاب مبحث تقسيمات الواجب. الامر الثاني من بحث الواجب المشروط ص ١٧٨