يستحيل الخطاب
بالممتنع وان كان امتناعه بسوء الاختيار ، حيث إنه لا يصلح الخطاب للداعوية
والباعثية ، ومع هذا كيف يصح الخطاب؟.
ودعوى ان الخطاب في مثل هذا يكون
تسجيليا ليس فيه بعث حقيقي مما لا نعقلها ، فان الخطاب التسجيلي من المولى الحكيم
مما لا يعقل ، بل يتوقف صحة الخطاب من الحكيم على امكان ان يكون داعيا ومحركا
لعضلات العبد ، وان لم يكن بمحرك فعلى ، كالخطابات المتوجهة إلى العصاة والكفار.
واما الخطاب الذي لا يمكن ان يكون داعيا ومحركا فهو مستحيل من الحكيم. فدعوى : ان
الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار خطابا ، فاسدة جدا.
ومنه يظهر فساد القول بكون الخروج
مأمورا به ومنهيا عنه ، مضافا إلى اقتضاء ذلك للامر بالنقيضين والنهى عنهما كما لا
يخفى.
واما القول بكونه مأمورا به فعلا مع
جريان حكم المعصية عليه ـ لمكان النهى السابق الساقط ـ فهو أيضا مما لا يعقل ، لان
اختلاف زمان الأمر والنهي مع تواردهما على شيء واحد بلحاظ حال وجوده مما لا اثر له
، لوضوح ان النهى عن الخروج في الزمان السابق على الدخول انما يكون بلحاظ حال وجود
الخروج ، ومع كونه بهذا اللحاظ منهيا عنه كيف يكون مأمورا به؟ وهل هذا الا توارد
الأمر والنهي على شيء واحد؟.
ودعوى : انه لا مانع من كون الخروج
منهيا عنه قبل الدخول على نحو المعلق ـ بان يكون النهى فعليا وكان المنهى عنه
استقباليا ـ لا تصحح هذا القول ، فان المعلق انما يقتضى تقدم زمان فعلية الحكم على
زمان امتثاله ، ولكن مع استمرار الحكم إلى زمان الامتثال لا مع انقطاعه ، والمفروض
من صاحب هذا القول هو سقوط النهى في حال الخروج ، وانما يجرى عليه حكم المعصية.
فظهر : انه بناء على كون المقام من
صغريات قاعدة ـ الامتناع بالاختيار ـ لا محيص عن القول بان الخروج غير مأمور به
ولا منهى عنه في الحال ، وان كان منهيا عنه قبل الدخول. ويجرى على الخروج حكم
المعصية من حيث العقاب ، الا ان الشأن في كون المقام مندرجا تحت تلك القاعدة ، فان
دعوى ذلك في غاية السقوط لما