المحقق ( قده ) هي
المندوحة بالنسبة إلى الافراد الطولية ، لان كلامه انما كان في الواجب المضيق
المزاحم لبعض افراد الواجب الموسع في بعض الوقت. ولكن هذا الفرق لايكون فارقا في
المناط ، فان مناط كفاية المندوحة في الافراد الطولية ، هو القدرة على الطبيعة في
الجملة ولو في غير الفرد المزاحم للمضيق ، وهذا المقدار يكفي في حسن التكليف عقلا ،
إذ لا يلزم التكليف بما لا يطاق لقدرة الفاعل على ايجاد الطبيعة ولو في الجملة.
فلا مانع من شمول اطلاق الامر بالصلاة للفرد المزاحم للإزالة ، وتنطبق الطبيعة
المأمور بها عليه قهرا فيتحقق الاجزاء عقلا. وهذا الكلام كما ترى يجرى في الافراد
العرضية أيضا ، لتمكن المكلف من ايجاد الصلاة مثلا في غير الدار الغصبية ، وهذا
المقدار يكفي في صحة التكليف بالصلاة ، ويكون الفرد المأتى به من الصلاة في الدار
الغصبية مما تنطبق عليه الطبيعة ، هذا.
ولكن
أصل المبنى عندنا فاسد ، كما تقدم في مبحث الترتب ، حيث إن القدرة المعتبرة في
التكاليف لا ينحصر مدركها بحكم العقل بقبح التكليف بما لا يطاق ، بل القدرة معتبرة
ولو لم يحكم العقل بذلك ، لمكان اقتضاء الخطاب القدرة على متعلقه ، حيث إن حقيقة
الخطاب هو البعث على أحد طرفي المقدور وترجيح أحد طرفي الممكن ، فيعتبر في التكليف
ـ مضافا إلى قدرة الفاعل التي يحكم بها العقل ـ القدرة على الفعل التي يقتضيها
الخطاب. والفرد المزاحم للإزالة أو للغصب فيما نحن فيه ليس مقدورا عليه ، لان
المانع الشرعي كالمانع العقلي ، فلا تنطبق عليه الطبيعة المأمور بها بما انها
مأمور بها ، لان الانطباق من حيث السعة والضيق يدور مدار سعة القدرة وضيقها ، وليس
للقدرة سعة تشمل الفرد ، على ما تقدم تفصيله في مبحث الترتب. وعليه لا تصح الصلاة
في الدار الغصبية باطلاق الامر بالصلاة كما أنه لا يمكن تصحيحها بالامر الترتبي
كما تقدم أيضا في ذلك المبحث ، لاستلزامه الامر بتحصيل الحاصل ، أو الامر بالمحال ،
إذ لا معنى لقوله : لا تغصب وان غصبت بالصلاة فصل ، لأنه يكون من تحصيل الحاصل ، أو
ان غصبت بغير الصلاة فصل ، لأنه يكون من طلب المحال ، على ما مر تفصيله.
واما تصحيحها بالملاك فربما يتوهم انه
لا مانع عنه ، ولازم ذلك صحة