والمقام بعينه يكون من هذا القبيل ، حيث
إن الامر الاستحبابي انما يكون متعلقا بذات الصوم في يوم عاشوراء ، أو الصلاة عند
طلوع الشمس. والنهى التنزيهي غير متعلق بذلك ، بل تعلق بالتعبد بالصوم والصلاة في
ذلك اليوم والوقت ، لما في التعبد بهما من التشبه ببني أمية وعبدة الشمس ، حيث إن
بنى أمية لعنهم الله انما كانوا يتعبدون بصوم يوم عاشوراء ويتقربون به إلى الله ، وكذا
عبدة الشمس كانوا يتعبدون بعملهم في أول الشمس ، فيكون المنهى عنه بالنهي التنزيهي
هو ما كان عليه عمل أولئك ، وليس هو الا التعبد ، فيكون التعبد مكروها مع كون
العمل مستحبا ، إذ لا منافاة بين كراهة التعبد ورجحان تركه وبين استحباب العمل ورجحان
فعله.
نعم
: لو كان النهى تحريميا ، كان ذلك منافيا لاستحباب العمل ، لان حرمة التعبد لا
يجامع صحة العمل. بخلاف كراهة التعبد المتضمن للرخصة ، فتأمل في ما ذكرناه جيدا.
هذا تمام الكلام فيما يتعلق بالعبادات المكروهة.
ثم إن شيخنا الأستاذ مد ظله ، أراد ان
يتعرض للتنبيه الثالث ، المتعلق بالمضطر والمتوسط في الأرض المغصوبة ، ولكنه اعرض
عن ذلك واخره ، لان له تعلقا بكلا المقامين المبحوث عنهما في مسألة اجتماع الأمر
والنهي. والأولى عطف عنان الكلام إلى المقام الثاني ، وهو انه هل وجود المندوحة
يكفي في رفع غائلة التزاحم والتكليف بما لا يطاق ، أو انه لا يكفي؟ والأقوى في هذا
المقام عدم الكفاية. وان كان مقتضى ما تقدم عن المحقق الكركي ( قده ) ـ من كفاية
القدرة على الطبيعة في الجملة ولو في بعض الافراد في صحة تعلق التكليف بها
وانطباقها على الفرد المزاحم للمضيق أو الأهم ويتحقق الاجزاء عقلا ـ هو كفاية وجود
المندوحة في المقام أيضا. وان كان فرق بين المقام وبين ما افاده المحقق ( قده ) من
حيث إن المراد بالمندوحة في المقام انما هي بالنسبة إلى الافراد العرضية ، حيث إن
للمكلف ايجاد الصلاة في الدار المباحة وفي المسجد وفي الدار الغصبية ، فتكون
الصلاة في الدار الغصبية من أحد افراد الصلاة العرضية. والمراد من المندوحة في
مقالة