مع أسبابها. ونحن
سابقا وان قلنا بخروجها عن محل الكلام ، الا ان الأقوى دخولها في محل البحث في غير
العناوين القصدية ، كالتعظيم والتوهين ، فلو كان الالقاء مثلا مأمورا به والاحراق
منهيا عنه ، فالقى المكلف ما امر بالقائه في النار فيكون من اجتماع الأمر والنهي ،
لان الالقاء بنفسه لايكون احراقا ، والا كان كل القاء احراقا ، بل الالقاء انما
يكون احراقا باعتبار اضافته إلى النار ، فيكون من اجتماع المقولتين لا محالة. وكذا
الحال لو فرض ان هناك عنوانين توليديين لسبب واحد ، فان السبب الواحد لا يعقل ان
يتولد منه عنوانان ، الا ان يكون فيه جهتان من الإضافة ، فيتعدد السبب حسب تعدد
الجهة ، وتكون الجهة تقييدية لا محالة ، على ما تقدم من الضابط. وعلى كل حال : جميع
هذه الأقسام الثلاثة من اجتماع العنوانين يندرج في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، فلا
تغفل وتأمل جيدا.
ومنها : انهم قد بنوا المسألة على
كون متعلقات الاحكام ، هل هي الطبايع أو الافراد؟
وقد أنكر بعض الاعلام هذا الابتناء ، وأفاد انه لا يفترق الحال في الجواز
والامتناع ، بين ان نقول بتعلق الاحكام بالطبايع ، أو الافراد ، هذا.
ولكن الحق : هو ان يقال : انه يختلف
الحال في ذلك على بعض وجوه تحرير النزاع في مسألة تعلق الاحكام بالطبايع أو
الافراد ، ولا يختلف الحال على بعض الوجوه الآخر.
وتفصيل ذلك : هو ان النزاع في كون
متعلقات الاحكام الطبايع أو الافراد يمكن ان يكون مبنيا على وجود الطبيعي وعدمه ، وان
القائل بتعلق الاحكام بالافراد مبناه على عدم وجود الكلي الطبيعي وانه انتزاعي صرف
، بخلاف القائل بتعلق الاحكام بالطبايع ، فإنه يقول بوجود الكلي الطبيعي ، وعلى
هذا لا تبتنى مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي على ذلك ، بل إن للبحث عن المسألة
مجالا ، سواء قلنا بوجود الكلي الطبيعي ، أو لم نقل ، غايته انه بناء على عدم وجود
الطبيعي يكون المتعلق للأحكام هو منشأ الانتزاع ، ويجرى فيه ما يجرى على القول
بوجود الطبيعي : من كون الجهة تقييدية أو تعليلية ، وان التركيب اتحادي أو انضمامي
، لوضوح ان انتزاع الصلاة لابد ان يكون لجهة غير جهة انتزاع الغصب ، هذا.