وهو العمدة ، ان الحكومة التي نقول بها
في الطرق والامارات والأصول غير الحكومة التي توجب التوسعة والتضييق ، فان الحكومة
التي توجب التوسعة والتضييق انما هي بالنسبة إلى الأدلة الأولية الواقعية بعضها مع
بعض ، كما في مثل قوله [١]
لا شك لكثير الشك ، حيث يكون حاكما على مثل قوله [٢] ان شككت فابن على الأكثر ، وأين هذا من
حكومة أدلة الاحكام الظاهرية على أدلة الاحكام الواقعية؟ واجمال الفرق بينهما ـ
وان كان تفصيله موكولا إلى محله ـ هو ان الحكمين اللذين تكفلهما الدليل الحاكم
والدليل المحكوم في الأدلة الواقعية انما يكونان عرضيين ، بان يكونا مجعولين في
الواقع في عرض واحد ، لان الحكومة بمنزلة التخصيص ، وحكم الخاص انما يكون مجعولا
واقعيا في عرض جعل الحكم العام من دون ان يكون بينهما طولية وترتب ، فكان هناك حكم
مجعول على كثير الشك ، وحكم آخر مجعول على غير كثير الشك ، وتسمية ذلك حكومة لا
تخصيصا انما هو باعتبار عدم ملاحظة النسبة بين الدليلين ، والا فنتيجة الحكومة
التخصيص.
واما الحكومة في الأدلة الظاهرية ، فالمجعول
فيها انما هو في طول المجعول الواقعي وفي المرتبة المتأخرة عنه ، خصوصا بالنسبة
إلى الأصول التي اخذ الشك في موضوعها. وبعبارة أخرى : المجعول الظاهري انما هو
واقع في مرتبة احراز الواقع والبناء العملي عليه بعد جعل الواقع وانحفاظه على ما
هو عليه من التوسعة والتضييق ، فلا يمكن ان يكون المجعول الظاهري موسعا أو مضيقا
للمجعول الواقعي ، مع أنه لم يكن في عرضه وليس هناك حكمان واقعيان مجعولان.
ولتفصيل الكلام محل آخر ، والغرض في المقام مجرد بيان ان الاحكام الظاهرية ليست
موسعة للأحكام الواقعية ولا مضيقة لها ، ولا توجب تصرفا في الواقع ابدا.
[١] الوسائل ، الجزء
٥ الباب ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ص ٣٢٩
[٢] الوسائل ، الجزء
٥ الباب ٨ من أبواب الخلل ، ص ٣١٧ الحديث ١. وفي متن هذا الخبر « متى شككت فخذ
بالأكثر » وفي خبر ٣ من هذا الباب. « إذا سهوت فابن على الأكثر ».