إتيانه إطاعة لأمره، فكذلك يجب - فيما علم حرمته - إحراز تركه و عدم إتيانه امتثالا لنهيه.
و فيه أوّلا: أنه لا معنى للترديد بين الأمور المذكورة فإنّ العدم المطلوب مضاف إلى نفس الطبيعة قطعا، و ذلك لأنّ العدم نقيض للوجود و مقابل له، و المقابل لا يقبل المقابل، و القابل لكليهما هي الماهيّة لا بشرط. و ثانيا: أنّه لا فرق بين الوجوه الثلاثة، بل العدم في كلّ واحد عين الأعدام الخارجيّة تحقّقا. نعم بناء على الأخيرين يكونان مختلفي المفهوم دون الأوّل، و لكنّك عرفت أنّ الملاك في الأقلّيّة و الأكثريّة الاتّحاد العيني، و في المحصّليّة الاختلاف العيني. و ثالثا: أنّ ما ذكره من الميز في الوجود دون العدم، لا يؤثر فيما ذكر قطعا، بل عدم الميز لو لم يؤكّد العينيّة فلا ينافيها، و لذا كانت العينيّة في العدم أولى. الرابع: الحقّ عدم دلالة صيغة النهي على أحد الوجهين الممكنين وضعا. الخامس: أنّ ظاهر كون الإطلاق مثبتا للانحلال لو تمّت مقدّماته، و إلاّ يكون مجملا، و قد تقدّم بيان هذين الأمرين في مبحث النواهي، فراجع. إذا عرفت هذه الأمور فاعلم: أنّه يرد على الماتن: أوّلا: أنه إن كان المراد من عدم جريان البراءة - بناء على عدم الانحلال - صورة تعلّق الطلب بمجموع الأعدام. ففيه: أنّ مختاره فيها جريانها نقلا لا عقلا، فلا وجه لنفيها مطلقا. و إن كان صورة تعلّقه بعدم بسيط كان المجموع محصله. ففيه: ما عرفت من عدم الإمكان. و ثانيا: أنّه لا وجه للجزم بكون النواهي الشرعيّة - المجرّدة عن القرائن الشخصيّة - على نحو عدم الانحلال - على ما قرّره في الدورة الأخيرة - لما عرفت في الأمر الخامس، من كون الإطلاق معيّنا للانحلال، دون عدمه.