نعم، لو كان بمعنى طلب ترك كلّ فرد منه على حدة، لما وجب إلاّ ترك ما علم أنّه فرد، و حيث لم يعلم تعلّق النهي إلاّ بما علم أنّه مصداقه، فأصالة البراءة في المصاديق المشتبهة محكّمة.
إلاّ أن يقال: إنّ المطلوب من الأوّل هو التروك الغير الواقع فيها«»عذر من الأعذار. و على أيّ تقدير: إذا كان مسبوقا بالترك يجوز الارتكاب، لا لجريان أدلّة البراءة، بل للأصل الموضوعي، و هو استصحاب الترك. أقول: توضيح هذا المقام يحتاج إلى بيان أمور: الأوّل: أنه يتصوّر تعلّق الطلب بالعدم - على نحو مثمر في المهمّ - على وجوه ثلاثة: الأوّل: أن يكون كلّ عدم من أعدام الطبيعة - على القول بتعلّق النهي بها - أو من أعدام الأفراد - على القول بالفرد - مطلوبا مستقلاّ، بحيث يكون لكلّ عصيان و امتثال. الثاني: أن يكون تلك الأعدام مطلوبة بطلب واحد، بحيث يكون كلّ واحد جزءا من المطلوب على نحو التركّب. الثالث: أن يكون المطلوب عدما بسيطا متحصّلا من تلك الأعدام، بحيث يكون الأوّل مغايرا مع الثاني تحقّقا، لا في صرف المفهوم، و إلاّ يكون من الثاني. و هذه هي القسمة التي تثمر في الثمرة الآتية. و أمّا تقسيم تعلّق الطلب بالعدم باعتبار ما هو واسطة في ثبوته له، بأن يقسّم إلى أنّ تعلّقه به: إمّا أن يكون باعتبار وجود المفسدة في وجود خاصّ من وجودات الطبيعة، و حينئذ يكون المطلوب عدما خاصّا، أو باعتبار وجودها في الوجود السّعيّ