حصول شرطه، لكنه لا بالملازمة، بل من باب استقلال العقل بتنجّز الأحكام على الأنام بمجرّد قيام احتمالها، إلاّ مع الفحص و اليأس عن الظفر بالدليل على التكليف، فيستقلّ بعده بالبراءة، و أنّ العقوبة و أمّا إذا لم تكن كذلك - كما في غير العبادات أو فيها على التحقيق - فيشكل بأنّها ليست واجدة لملاك الوجوب الغيري الملازمي، إذ ملاكه توقّف وجود الواجب عليه، و هي ليست كذلك، لإمكان إتيانه من دونها - أيضا - مع قيام الإجماع و الأخبار و الكتاب على وجوبها. و يمكن دفعه بوجوه: الأوّل: الالتزام بالوجوب النفسيّ التهيّئي كما ذهب إليه المدارك. الثاني: الوجوب الإرشادي العقلي - و هو الّذي أشار إليه في العبارة - و حاصله: أنّ احتمال فعليّة تكليف قبل الفحص كما هو الفرض منجّز له على تقدير وجوده، فيحكم العقل بوجوب المعرفة لكي لا يفوته المكلّف به المنجّز و يعاقب عليه. لا يقال: هذا يتمّ في الواجبات المطلقة أو في المشروطة بعد حصول شرطها، و أمّا فيها قبله فلا، إذ لا فعلية - حينئذ - قطعا، فحينئذ إذا علم عدم التمكّن من المعرفة بعد الشرط، فكيف يحكم العقل بوجوبها قبله إرشادا إلى تحصيل الأمن من العقوبة؟ إذ لا عقوبة على ترك الواجب قبل الشرط قطعا، و بعده لا تمكّن من مقدّمته. و الحاصل: أنّ المنجز هو احتمال الفعلية فعلا لا احتمالها بعد الشرط. فإنّه يقال: إنّ الملاك هو احتمال المطلق، فيحكم العقل بالتنجّز لقدرته عليه بتمهيد مقدّمته من الآن. الثالث: الوجوب الإرشادي العقلي من باب حفظ غرض المولى، فإنّه يجب عليه عقلا إحراز تحصيله من غير فرق بين الواجبات المطلقة و المشروطة بعد الشرط و قبله.