«من» في المعنى الاستقلالي، لما كان مجازا و استعمالا له في غير ما وضع له، و إن كان بغير ما وضع له، فالمعنى في كليهما في نفسه كلّي طبيعي (157) يصدق على كثيرين، (157) قوله: (فالمعنى في كليهما في نفسه كلّيّ طبيعي.). إلى آخره. لا بدّ في شرح العبارة من بيان أمور: الأوّل: أنّ المعنى إذا ما اعتبر في نفسه: فإمّا أن يمنع الشّركة، فهو جزئي طبيعي، أو لا يمنع فهو كلّي طبيعي. الثاني: أنّ الكلّي الطبيعي ليس مرهونا بالوجود الخارجي، و لا بالوجود الذهني، و لا آبيا عنهما، بل هو في نفسه ليس كلّيّا، و تسميته به بعلاقة الأول، أو بعلاقة ما كان، كما لا يخفى، و ذلك لأنّه نفس الطبيعة التي قد يعرضها هذا الوجود، و قد يعرضها ذاك الوجود. الثالث: أنّ كلّ ما دخل في حيّز الوجود لا بدّ أن يكون جزئيّا، سواء وجد في الخارج، أو الذهن، لأنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد. الرابع: أنّ الفرق بين الوجود و الإيجاد في كلتا المرتبتين اعتباري، فإنّ المفاض بالنسبة إلى القابل يكون وجودا، و بالنسبة إلى الفاعل يكون إيجادا، فالوجود الذهني نفس لحاظ النّفس و تصوّرها، لأنّه إيجادها دون شيء آخر، فإذا لم يكن فرق بين لحاظ النّفس لشيء و وجوده الذهني - و من المعلوم أنّ تشخّص اللحاظ بتشخّص النّفس، لكونه من عوارضها و تشخّص العارض بتشخّص المعروض - لم يحصل المنافاة بين كون الشيء جزئيّا ذهنيّا و بين كونه كلّيّا في نفسه بمعنى حكايته عن الكثيرين في الخارج و كونه مرآة له، لا بمعنى الصدق، فإنّ ما في الذهن لا يصدق على الخارج. الخامس: أنّ الكلّي الطبيعي - كما عرفت - نفس الطبيعة المعروضة للكلّيّة عند حصولها في الذهن، و لكن نفس الكلّيّة العارضة كلّيّ منطقيّ، و مجموعهما كلّيّ