responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 96

السّببية المحضة و التكليف النّفسي فإنّ التخيير حينئذ مقتضى القاعدة كما في كلّ حكمين متزاحمين فلا يمكن انسحابه إلى ما نحن فيه لأنّ الأصول اللّفظية أمارات عقلائية أمضاها الشّارع على وجه تجري عليه عند العرف و العقلاء و ليس العمل بها من تعبّد شرعيّ حتّى يكون لذلك الاحتمال أعني السّببية المحضة فيها مجال و ممّا ذكرنا ظهر أنّه لو قلنا بالتّخيير في تعارض الأصول العملية لم نقل به في المقام أيضا لأنّ العمل بالأصول حكم شرعي أمكن فيه القول بالتخيير عند التّعارض عملا بعموم دليله بقدر الإمكان كما ذهب إليه البعض بخلاف العمل بالأصول اللّفظية فإنّ العمل بها من جهة بناء العقلاء فالحوالة فيها على العرف و العقل دون الدّليل الشّرعي فافهم و أمّا الثّاني أعني التّساقط بقول مطلق كما في الأصول الشرعية على ما هو الحق فيها فلأنّ ذلك يرجع إلى طرح الدليلين من غير تعارض لأنّ الأمارة الحاكية عن الملزوم حاكية عن اللاّزم أيضا و لذا لا يفرق في جواز التعويل عليها بين المداليل المطابقة و الالتزامية فيجب تصديق كلّ أمارة في تمام مدلولها عرفا و شرعا و مقتضى ذلك تصديق الأصلين المتعارضين في مدلوليهما الالتزاميّين أعني نفي الثّالث كما هو الشّأن في كل أمارتين متعارضتين و ليس تساقطهما في المطابقة مانعا عن العمل بهما في الالتزام بخلاف الأصول العملية فإنّها تكاليف ظاهريّة محضة ثبتت من الأدلّة الشرعية و ليس لها جهة كشف لا مطابقة و لا التزاما فإذا وقع بينهما التعارض انحصر الأمر في التخيير أو التّساقط رأسا و أمّا التّساقط في الجملة بأن يكون حجّتين في نفي الثالث فهو ممّا لا يقضي به دليل الأصل و لم يقل به أحد كما تحقق ذلك في محلّه نعم لا بدّ في ترجيح التّساقط على التخيير من النّظر و التأمّل التام و لذا وقع جماعة من الفحول في الخطإ فرجّحوا التخيير على التّساقط و قد احتج عليهم في محلّه بما لا مزيد عليه و المقصود هنا تزييف حسبان التّساقط رأسا (ثمّ) إنّه لا فرق فيما اخترنا من التوقف بين أن يكون التّنافي بين الأصلين عقليّا كما في قولك أسد يرمي أو باعتبار العلم الإجمالي بمخالفته أحدهما للظّاهر من دون تعيين كما إذا علمنا إجمالا بمخالفة أحد الخطابين للظّاهر مع إمكان العمل بهما على ظاهرهما عقلا فإنّ الحكم في الجميع التوقف كما أنه لا فرق أيضا على التقدير الثّاني وفاقا للأستاذ دام ظلّه في أصل البراءة بين أن يكون الأصلان المتعارضان متعلّقين بالأحكام العملية أو كان أحدهما كذلك و الآخر متعلّقا بالقصص و نحوها ممّا لا يترتب عليه حكم عملي فلو علمنا إجمالا بمجازية أحد الخطابين المتعلّق أحدهما بالأحكام و الآخر بالقصص مثلا لم يعمل أيضا بالخطاب المتعلّق بالأحكام و قد يقال بالفرق بين المقامين مثلا فلا يتوقف إلاّ في الأوّل بل يعمل في الثّاني بالأصل الّذي له مساس بالحكم الشّرعي إلحاقا له بسائر الأصول و الأمارات الشّرعية كالاستصحاب و اليد فإنّ العلم الإجمالي بمخالفة أحدهما للواقع لا يؤثر إلا إذا كان كلّ واحد منهما محلاّ لابتلاء المكلّف و هو الّذي يقتضيه ما ذكره الأستاذ العلاّمة دام ظلّه العالي في رسالة حجيّة الظنّ في بعض تنبيهات مسألة حجيّة الكتاب و لعلّ الأظهر ما ذكره في أصل البراءة لأنّ مدار الأصول اللّفظية على الظّنون و مع العلم الإجمالي بمخالفة أحد الأصلين للواقع لا يكون شي‌ء منهما مفيد للظنّ و لو كان أحد المتعارضين غير مبتلى به إذ الابتلاء و عدمه إنّما يختلف به الحكم الشرعي دون العرفي ففي الأمارات الشرعية الّتي ثبت اعتبارها تعبّدا من الشّارع يشترط في الحكم بالتوقف بين متعارضيهما أن يكون كلّ واحدة منهما محلاّ لابتلاء المكلّف فيحل اللّحم المأخوذ من يد مسلم مثلا و لو علم إجمالا بنجاسة بعض ما في الأيادي المحصورة إذا كانت الأيادي الأخرى غير يد الدافع غير مبتلى بها بخلاف الأمارات الّتي يناط اعتبارها بالظّن النوعي و ثبت حجّيتها من جهة كونها من الظّنون العقلائية فإن تعارض بعضها مع بعض و لو باعتبار العلم الإجمالي منشأ للحكم بالتوقّف مطلقا و سرّ الفرق بين الأمارتين أنّ التوقف في الأمارات الشرعيّة المتعارضة مستندا إلى امتناع الحكم بحجيّة المتعارضين معا للتناقض و حجيّة أحدهما معينا بعدم الترجيح فلا ينسحب إلى ما إذا كان هناك مرجح لأحدهما كعدم الابتلاء بخلاف التوقف في الأصول اللّفظية و سائر الأمارات العقلائية فإنّه مستند إلى انتفاء موضوع الأمارة و لو باعتبار زوال مناط الاعتبار أعني إفادة الظنّ بالمعارضة و هو أمر قهريّ يترتب على صفة التعارض بالخاصّية فلا يعقل الفرق من حيث كون أحد المتعارضين موردا للابتلاء و عدمه و بعبارة أخرى أنّه إذا لم يكن أحد أطراف المعلوم بالإجمال مبتلى‌

به لم يتحقق موضوع تعارض الأصول و الأمارات الجعليّة لأنّ معنى تعارضها تعارض الحكمين أو الأحكام الشرعية بخلاف تعارض الأمارات العرفية فإن التعارض بينهما يتحقق و إن لم يتعلّق بأحد الطّرفين حكم شرعيّ أو عرفي فإنّ مركوب قاض و مملوكه إذا كان كلّ منهما في محلّ مخصوص و حصل بينهما التكاذب و التعارض سواء ترتب على وجود القاضي في أحد المحلّين مثلا حكم أم لا و قد يفصل و يقال إنّ الأصلين المتعارضين إن كان المخاطب بهما معا لشخص واحد وجب التوقف مطلقا و إن كان شخصين فلا وجه لتوقف كلّ منهما في العمل بالخطاب المتوجّه إليه لأجل العلم بكونه أو كون الخطاب المتوجه إلى صاحبه مجازا مثلا و هو تعسّف و الأقوى التوقف مطلقا لما ذكرنا و هو حسن و أحسن منه القول باعتبار الابتلاء و التّسوية بين الأمارات الشرعيّة كالبيّنة و اليد و بين الأصول اللّفظية لأنّ الأمارات الشرعيّة إمّا أمارات عقلائية أمضاها الشّارع كالأصول اللّفظية أو أمارات جعليّة أحدثها الشّارع طريقا إلى موضوعات الأحكام و على التقديرين يكون حالها كحال الأصول اللّفظية في كونها أمارات أمضاها الشّارع و لا يكون حالها كحال الأصول العملية الّتي ليست أمارة بل حكما فرعيّا صرفا على ما تحقق في محلّه مع أنّ القول بالإجمال و التوقف مع عدم كون أحد المتعارضين مبتلى به يرجع إلى مقالة من يعتبر في العمل بالأصول‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 96
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست