responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 46

الدّال ابتداء لا بواسطة قصور المدلول سواء كان ذلك المدلول هو الموضوع له كما في الحروف أو الموضوع له غيره كما في المقام (فنقول) لو لا حضور المشار إليه و تشخصه بالإشارة الحسّية لم يحصل حقيقة المشار إليه الكلّي الّذي هو المعنى العام الملحوظ في الوضع فلا يحصل الاستعمال في ذلك المعنى أيضا و كذا لو لم يذكر الصّلة بعد ذكر الموصول لم يكن الاستعمال في ذلك المعنى العام الملحوظ في حال وضع الموصول أعني الشي‌ء المتعيّن بصلته تعينا فعليا و هكذا إلى سائر المبهمات و ما يضاهيها في هذا القسم من الوضع الّذي نتكلّم فيه و بهذا البيان ينقدح فساد جلّ الإيرادات الموردة على هذا القول بل كلّها فاحفظه و اغتنم (المقدّمة الثالثة) إنّ ترخيص الواضع استعمال اللّفظ في غير المعنى الموضوع له و بالجملة العدول عن الوضع إلى التّرخيص لا بدّ أن يكون لأحد أمرين إمّا الاستراحة عن كلفة الوضع مع توسيع دائرة التعبير أو التوصّل إلى فوائد التجوّز كالمبالغة و نحوها من المزايا الّتي ترجع إلى وجوه البلاغة (أمّا الأوّل) فهو إنّما يتصوّر فيما إذا حصل من ترخيص واحد إجمالي جواز التّعبير بلفظ واحد عن معان متعدّدة و لم يتحصّل ذلك من وضع واحد كذلك كما هو الشّأن في المجازات لأن ترخيص استعمال اللّفظ في جزئيات إحدى العلائق المعهودة على القول بكون المجازات متلقاة من الواضع بالوضع النّوعي الّذي هو عبارة عن الترخيص المزبور تصير منشأ لصحة التعبير بلفظ واحد عن الجزئيات المندرجة تحت تلك العلاقة بذلك الترخيص الواحد الإجمالي و لا يتيسّر ذلك باختيار طريق الوضع لأنّ الوضع للأمور المتخالفة لا يكون إلاّ بأوضاع متعدّدة إلاّ أن يقال إنّ المترتّب على الترخيص المذكور إنّما هو التعبير عن المعنى الكلّي كالمتشابه و المجاور و نحوهما و أمّا الجزئيات المستعملة فيها الألفاظ المجازيّة فإنّما يستفاد من قرائن المقال أو المقام فليس ترخيص الواضع استعمال لفظ أسد مثلا في ما يشابه معناه الحقيقي كالشّجاع سببا لجواز التعبير عن معان متعدّدة بلفظ أسد مجازا بل عن معنى واحد و هو كلّي المشابه و إن كان المستعمل فيه هو خصوص زيد و عمرو و نحوهما من أفراد الشّجاع فإنّ الخصوصيّة ليست ممّا يتعلّق بها التّرخيص تفصيلا أو إجمالا بل من الأمور اللاّزمة للاستعمال و ليست أيضا موردا للاستعمال من حيث الخصوصيّة حتى يلزمه سبك المجاز عن المجاز كما توهم بعض الأجلّة (فقال) إن نحو رأيت أسدا يرمي مجاز منسبك من المجاز و العلاقة في الأوّل المشابهة و في الثاني العموم و الخصوص لأنّ ذلك مبني على إرادة خصوصيّة زيد الشّجاع مثلا من لفظ أسد و للمنع فيه مجال واضح (و لا ريب) أنّ الوضع الواحد مكان الترخيص المزبور أيضا يفيد هذه الفائدة في جميع الألفاظ الكلّية فيكون أولى من الترخيص لإغنائه عن القرينة إلاّ أن يقال إنّ القرينة المعينة اللازمة على هذا التقدير كقرينة التجوّز على تقدير الترخيص فيكافأ الاحتمالان و يتوقف التّرجيح على الثّبوت لكون الوضع و الترخيص كليهما توقيفيّين لكن يمكن ترجيح جانب الوضع لأنه الأصل في الإفادة و الاستفادة و إن كان المجاز أيضا كثيرا فإنّه بالنّسبة إلى الوضع أقل قليل و حينئذ فينحصر فائدة ترخيص الاستعمال في غير ما وضع له في الثاني و هو التوصل إلى المبالغة و نحوها من وجوه البلاغة فحيث لم يترتب على الترخيص المزبور هذه الفائدة كان صدوره من الواضع قبيحا هذه حال اختيار طريق الترخيص (و أمّا) اختيار طريق الوضع فالأصل فيه أن يكون الغرض الاستعمال في الموضوع له و إلاّ فلا طائل تحته نعم بعض من جوّز المجاز بلا حقيقة ذكر أن الوضع قد يكون لأجل الاستعمال فيما يناسب الموضوع له و حاصل التوصل إلى فوائد المجاز فحيث كان الاستعمال في غير الموضوع له لا لأجل ملاحظة المناسبة بينه و بين الموضوع له كان الوضع لأجله لغوا قبيحا إذ لم يترتب عليه الاستعمال في الموضوع له أصلا و الحاصل أن وضع لفظ المعنى إذا لم يقصد منه الاستعمال في ذلك المعنى أو في مناسبه مع ملاحظة المناسبة لتحصيل بعض المزايا لغو صرف لأنّ الاستعمال في ذلك المناسب إن كان ناشئا عن وضع اللّفظ بإزائه فهو أولى من أن يكون ناشئا عن وضع اللّفظ بإزاء ذلك المعنى فلا يصلح الاستعمال المزبور غرضا لفعل الواضع أعني الوضع لذلك المعنى (و منه (رحمه الله)) يظهر أنّ القول بأن الغرض من وضع الألفاظ المتنازع فيها للمعاني الكلّية الاستعمال في جزئياتها من دون أن يكون في الاستعمالات فوائد المجاز في غاية السّخافة (إذا تمهدت المقدمات) قلنا إنّ المختار من القولين هو القول الأوّل و يدل عليه وجوه ثلاثة (الأوّل) أنّه لو كانت تلك الألفاظ موضوعة

للمعاني الكلّية يصحّ استعمالها فيها بلا ريب لأنّ جواز الاستعمال من اللّوازم الظّاهرة للوضع مع أنّ استعمال هذا في كلي المشار إليه المذكّر و استعمال أنا في كلي المتكلم و استعمال الّذي في كلي المتعيّن بصلته أمر غير معهود بين الأوائل و الأواخر بل غير صحيح في العرف و اللّغة و أجيب عنه بوجوه (الأوّل) أنّ عدم استعمال هذه الألفاظ في معانيها الكلّية إنما هو من جهة شرط الواضع ذلك و منعه منه في حال الوضع و الملازمة بين الوضع و الاستعمال إنّما تثبت إذا لم يمنع الواضع منه و أمّا مع المنع فالمتبع هو ما قرّره الواضع و لا يتعدّى عنه (و الثّاني) أن عدم الاستعمال إنما هو من جهة قصور تلك المعاني الكلية عن صلاحيّة الاستعمال فيها لا لمنع المواضع و الاستعمال إنّما يلازم الوضع إذا كان الموضوع له قابلا له و أمّا مع عدمها فالمتعيّن هو الاستعمال في أفراده و قد سبق وجه عدم القابلية بما لا مزيد عليه (أقول) و يرد عليهما أنّ الوضع حينئذ فعل سفهيّ لا ينبغي صدوره من الواضع لأنّ الوضع لمعنى بشرط عدم الاستعمال فيه أو لمعنى غير قابل للاستعمال لا يترتّب عليه فائدة (فإن قلت) فائدته‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 46
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست