responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 32

الإحاطة التامّة بمسائلها بحث عن كلّ نوع من أنواع الموجود في علم مستقلّ و اختص العلم الإلهي الأعلى بالبحث عمّا يعرض الموجود لذاته فظهر ممّا ذكرنا أن موضوع كل علم ما يبحث عن عوارضه الذّاتية إلا ما كان عارضا لجزئه الأعم فإنّ البحث عنه إنّما هو في علم آخر فوق ذلك العلم فإنّ القرينة على هذا الاستثناء تدوين العلم الفوق و البحث عنه مستقلاّ و منه يظهر أنّ الجزء الأعمّ لو لم يبحث عمّا يعرض الموضوع لأجله في علم آخر فلا بدّ من البحث عنه في ذلك العلم كعلم الأصول فإنّ جملة من مسائلها مثل ما يتعلّق بمشتركات الكتاب و السّنة عارض لها باعتبار أجزائها الأعمّ و إنّ إخراج العارض للجزء الأعمّ عن عداد العرض الذاتي غير سديد و إنّما السّديد إخراجه عمّا يبحث عنه من العوارض الذّاتيّة هذه جملة من القول في تميز موضوعات العلوم بعضها عن بعض و منه يتميز مسائل كلّ علم عن مسائل علم آخر لأنّ المسألة تتميز بتميز الموضوع أو المحمول فمسألة كلّ علم ما يكون محمولها عرضا ذاتيّا لموضوع العلم و موضوعها جزء لموضوع العلم أو فردا له أو عرضا لعرضه الذّاتي مثال الأوّل في هذا العلم مسألة حجية خبر الواحد مثال الثّاني مسائل العام و الخاص المتعلّقة بألفاظ الكتاب و السّنة و مثال الثالث مسائل التّعادل و التراجيح كما يظهر وجه الكلّ للمتدرب‌

بقي شي‌ء

و هو أن تمايز العلوم على ما اشتهر في الألسنة بتمايز الموضوعات بالذات أو بالعرض يعني بملاحظة الحيثية و الاعتبار و المراد بتمايز الموضوعات ذاتا هو التميز بحسب الذّات سواء كان التميز على نحو العموم المطلق أو من وجه أو التّباين الكلّي و أمثلة الكلّ واضحة و أرادوا باعتبار الحيثيّة التميز بين علمين مشتركين في الموضوع مثل العلوم الأدبيّة الباحثة كلا عن أحوال الكلمة و الكلام فإنّ الكلمة و الكلام ليسا موضوعين لها بحيثية واحدة بل بحيثيات مختلفة فموضوع علم النّحو مثلا الكلمة من حيث الإعراب و البناء و موضوع الصرف هي من حيث الصحة و الاعتلال و الاشتقاق و اعترض عليه بعض الأفاضل بأنّ اعتبار الحيثية التقييديّة لا يجدي في التميز لأنّ الكلمة حال تقييدها بحيثية الإعراب و البناء يبحث عنه في علم الفصاحة و البلاغة أيضا و التعليلية لا معنى لها ثم قال إن تمايز العلوم بتمايز الموضوعات أو بتمايز حيثيات البحث كتمايز علمي النحو و الصّرف فهم و إن أصابوا في اعتبار الحيثية للتمايز بين العلوم لكنهم أخطئوا في أخذها قيدا للموضوعات و الصّواب أخذها قيدا للبحث (أقول) أمّا ما زعمه أولا من أنّ الكلمة حال تقييدها بالإعراب و البناء تلحقه أحكام الفصاحة و البلاغة فهو مبني على عدم الالتفات إلى الفرق بين حال التقييد و شرط التقييد كما لا يخفى و أمّا ما زعمه من أنّ التمايز قد يحصل بتمايز حيثيات البحث فلا محصّل له إن أراد بالبحث معناه المصدري نعم إن أراد المعنى المفعولي أعني المحمولات على أن يكون المراد أن تمايز العلوم قد يحصل بتمايز المحمولات ثم ما ذكره لكن التمايز بين المحمولات أيضا بالذّات لا بالحيثية كما لا يخفى إلا أن يقال إن المحمولات من حيثيات الموضوع فيصح حينئذ أن يقال إنّ التمايز بين الموضوعين بالحيثية أي من حيث المحمول و لعلّه المراد ممّا سمعت من أنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات بالذات أو بالحيثيات هذا ما حضرني من كلمات القوم في تحديد موضوعات العلوم فلنطبقه على موضوع هذا العلم (فنقول) قد اختلف في ذلك فقيل إنه الأدلّة الأربعة المعهودة و هو المشهور بين القوم و تطبيق حدّ المذكور على ذلك لا يخلو عن تعسّف و صعوبة لأنّ المبحوث عنه في هذا العلم أمور مختلفة بعضها غير راجح إلى أحوال الأدلة كمباحث الاجتهاد و التقليد و لذا جعل بعضهم الاجتهاد أيضا من الموضوع و بعضهم تكلّف فأرجع البحث عن الاجتهاد إلى البحث عن أحوال الأدلّة لأنّ البحث عن المستدلّ بحث عن بعض أحوال الدّليل و فيه من التعسّف ما لا يخفى و مثل مباحث التعادل و التّراجيح كما زعم و لذا جعله بعضهم موضوعا آخر غير الأدلّة الأربعة و الاجتهاد و التزموا في كون البحث عن التقليد استطراديا ثم إنّ جملة من المبادئ الأحكاميّة أيضا ليست بعوارض الأدلّة فجعلت الأحكام أيضا من الموضوع و قد يقال إن أصول الفقه ليس له موضوع في عرض موضوعات العلوم لأنّه ليس علما برأسه بل مركبا من مسائل العلوم فأخذ شطرا من المطالب الكلاميّة و شطرا من المطالب اللّغوية و شطرا من المطالب الفقهيّة و أضيف إليها بعض المطالب الجديدة فسمّي الكلّ بأصول الفقه لاشتراك الكلّ في كونها مبادئ الاستنباط فإن أريد معرفة موضوعه فليرجع إلى موضوع العلم الّذي أخذ من مسائله و أدرج في هذا العلم نعم هذه المطالب الجديدة الغير الداخلة في شي‌ء من العلوم مثل مسألة حجية خبر الواحد و الكتاب و الإجماع و أمثالها كمسائل التعادل و التراجيح عوارض ذاتية للأدلّة الأربعة فإن أريد معرفة موضوع هذه المطالب فالموضوع ما ذكره الجمهور و إن أريد موضوع جميع المسائل فليست من عوارض شي‌ء واحد حتّى يقال بأنّه الموضوع (أقول) لا شبهة في أن المقصود من وضع هذا العلم و تدوينه هو معرفة طرق الأحكام الشرعية و ما يتوقف عليه دلالة الطّرق كما لا شبهة في اشتماله على جملة من المطالب الاستطراديّة و إنما الاشتباه في تميز المقصود بالذات عن غيره و من هنا وقعوا في مكان من الاضطراب و التحقيق أنّ موضوع هذا العلم ما ذهب إليه الجمهور أعني أدلّة الأحكام و المسائل الراجعة إلى غيرها الّتي لا بد للفقيه و الأصولي من معرفتها ذكرت في العلم استطرادا كمباحث الاجتهاد و التقليد و لما بينهما من المناسبة التّامة الّتي أوقعت جماعة في خيال أنها من مسائله حقيقة و أمّا مباحث التعادل و التراجيح فمن زعم أنها غير راجعة إلى أحوال الأدلّة حتّى جعله موضوعا مستقلا فقد سها سهوا بيّنا

و أمّا المبادئ الأحكاميّة

فالأظهر فيها أيضا ما ذكره المحقّق الجواد من أنّها تبحث عن أحوال الأدلّة و وجهه أنّ البحث‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 32
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست