responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 289

الأصل في العلل الشّرعية فإن كان مقتضاه بيان الحكمة كان ذلك منه وجيها إلا أنّه ليس كذلك فالظّاهر منها العلّية و لما انجر الكلام إلى هنا فلا بأس بسرح عنان القلم إلى الفرق بين العلّة و الحكمة و بيان وجه ما استثناه من أصالة العلّية في العلل الشرعية على وجه يرتفع به الإجمال و يتضح به حقيقة الحال من غير بسط مورث للملال (فنقول) إن العلّة ما كان علّة للحكم المدلول عليه بالكلام بحيث يدور معه إثباتا و نفيا فتارة يقتضي تخصيص مورد الحكم إن كان اللفظ الدّال عليه عامّا بحسب الدّلالات اللّفظية كما في قول القائل لا تأكل الرّمان لأنّه حامض فإنّ مقتضى تعليل الأكل بالحموضة تخصيصه بالأفراد الحامضة من الرّمان و أخرى يقتضي تعميمه إن كان المورد خاصّا بحسب دلالة اللّفظ كما في قوله لا تشرب الدّواء الّتي تصفها لك النّساء لأنّك لا تأمن ضرورة فإن قضية التعليل المذكور المنع عن شرب دواء لم يؤمن من ضرره من أي واصف كان فيكون عدم التقييد في الأوّل و التخصيص في الثاني لنكتة كقلّة الحموضة في الرمان و غلبة الأمن من الضرر فيما تصفه الرّجال أو غير ذلك و الحكمة ما كانت علّة لتشريع الحكم دون نفس الحكم و كان المتكلّم بعد ما حكم بشي‌ء قال إنما شرعت هذا الحكم لحصول تلك العلّة و على هذا فنفس الحكم مطلق غير تابع لتلك العلّة و من ثمة لا يقتضي تعميما و لا تخصيصا أصلا (فإن قلت) لا نجد فرقا بين أن يكون العلّة علّة نفس الحكم أو لتشريعه فإنهما سببان في تخصيص الحكم و تعميمه لأنّ تشريع الحكم ليس شيئا وراء الحكم كما أن إيجاد الفعل ليس أمرا وراء نفس الفعل فإن اقتضت العلّة تخصيص الحكم تارة و تعميمه أخرى اقتضاهما في الصّورتين و ما هو المعروف من أن الحكم الشرعية غير مطّردة و لا منعكسة يرجع إلى منع الصّغرى أعني كون العلّة علّة و إلا فبعد الأخذ بظاهر العلّة لزم الجري على حسب ما يقتضيه (قلت) فرق بين كون حرمة الخمر مثلا معلّلا بالإسكار و بين كون تشريعها كذلك فإن مقتضى الأوّل دوران الحرمة مدار الإسكار لأنّ مفاد العلّية بالمآل تعلّق الحكم بعنوان نفس العلّة فيكون الحرام هو المسكر دون الخمر و مقتضى الثّاني اطّراد الحكم من غير ملاحظة عنوان العلّة و لا مانع من تشريع الحكم العام المطّرد لنكتة غير مطّردة إمّا لأجل حماية الحمى أو لكون علّة الحكم في الأفراد الفاقدة لتلك العلّة أمرا آخر لم ينبّه الشّارع أو غير ذلك فيكون العلّة علّة لعموم التشريع من حيث كونها جزء أخير العلّة (و الحاصل) أنّ الفرق بين العلّة و الحكمة هو أن الحكمة علّة لتشريع الحكم و نفس الحكم فيها مطلق و العلّة علّة لنفس الحكم المدلول عليه بالكلام و من ثمّ يتبعها بمعنى أنّه متى وجدت العلّة وجد المعلول و الحكم عنوان أولي مذكور في صريح الكلام و التشريع عنوان ثانوي مستفاد منه بمعونة المقام فمتى ورد خطاب معلّل و دار الأمر بين كون التعليل لنفس الحكم أو للتشريع و لم يكن هناك قرينة على تعيين أحد الأمرين وجب الحمل على كونه علّة للحكم ضرورة أن الظاهر من القيود المأخوذة في الكلام علّة كانت أو حالا أو تميزا أو مفعولا أيّا من المفاعيل أو غير ذلك من سائر القيود تقييد العنوان الأولي الّذي هو مركوز في الكلام و ليس هو إلا نفس الحكم فلو كان غرض المتكلّم تقييد العنوان الثانوي الّذي هو خارج من الكلام أعني التشريع وجب عليه نصب قرينة على ذلك و هذا هو منشأ الظّهور الّذي ادّعيناه إذ بناء على كون العلّة علّة للحكم لا يلزم تقدير في الكلام و لا ارتكاب حذف في المقام ضرورة كونها متعلّقة بنفس ذلك الفعل بخلاف ما لو جعلناها علّة للتّشريع إذ لا جرم من جعلها متعلّقة بشرعت و نحوه ممّا يستفاد من قرائن المقام فيكون تقدير قوله مثلا غسل الجمعة مستحبّ لكذا أن شرعيّته لذلك لا استحبابه و الأصل عدم التقدير فلا يصار إليه إلاّ عند قيام القرينة في الخارج من إجماع و نحوه على كون مدخول اللاّم علّة للتّشريع دون الحكم و حيث لم يكن هناك قرينة وجب جعلها متعلّقة بما هو مذكور في الكلام و من البين انتفاء القرينة في الآية على ذلك فوجب جعل التعبد علّة لنفس ما أمر به دون تشريعه كما رامه المحقّق المذكور (ثالثها) ما ذكره شيخنا العلاّمة طاب ثراه في رسالة الاستصحاب من أن الآية إنّما تدلّ على اعتبار الإخلاص لا على وجوب الإخلاص عليهم في كلّ واجب و فرق بين وجوب كلّ شي‌ء عليهم لغاية الإخلاص و بين وجوب‌

قصد الإخلاص عليهم في كلّ واجب و ظاهر الآية هو الأوّل و مقتضاه أن تشريع الواجبات لأجل تحقق العبادة على وجه الإخلاص و مرجع ذلك إلى كونها لفظا و لا ينافي ذلك كون بعضها بل كلّها توصليا لا يعتبر فيه قصد القربة و مقتضى الثاني كون الإخلاص واجبا شرطيا في كلّ واجب و هو المطلوب انتهى كلامه رفع في الخلد مقامه و هذا الوجه و إن شارك الوجه المتقدم في ابتنائه على جعل اللاّم للغاية و كون التعبد هو المصطلح عليه عند الفقهاء الّذي عرفت فساد الأوّل و بعد الثاني إلا أنّ الفرق بين الوجهين واضح لا يكاد يخفى على ذو مسكة فإن الوجه المتقدم مبني حسبما عرفت على تعميم الغاية بحيث يشمل الغاية الحاصلة في ضمن أمر آخر غير المعنى المجرّد احتمال مدخليّة بين الأمرين و هو اعتراف بدلالتها على المدّعى لو لا التعميم المذكور و من الواضح أنّه ليس نظر شيخنا العلاّمة طاب ثراه فيما رامه إلى ذلك بل نظره إلى أن أقصى ما يستفاد من الآية أن وجوب كلّ شي‌ء عليهم لغاية التعبّد على وجه الإخلاص الّذي يرجع إلى كونه لطفا في واجباتي و من البين أنّ هذا أجنبيّ عمّا هو غرض المستدلّ من اعتبار قصد التقرب في سقوط الأمر الّذي هو عبارة عن وجوب الإخلاص في جميع واجباتهم (و كيف كان) فليس هذا الوجه بمتجه بناء على وجوب‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 289
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست