responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 267

الأمر حينئذ أمران الإرشاد و محبوبيّة الفعل للآمر و إليه ينظر ما حكي عن السّلطان (قدّس سرّه) أن الأوامر الشرعية كلّها إرشادية فإنه ما من أمر منها إلاّ و فيه مصلحة تعود إلى المكلّفين فأمر المولى إنّما هو لتبليغهم بإتيانها إلى المقامات العالية و الدّرجات الرّفيعة فهي من هذه الجهة يكون إرشادية و من جهة محبوبية نفس الفعل له تعالى يكون شرعية و بهذا الاعتبار يترتب عليها الثواب و العقاب أيضا فتعريف الإرشادي لا ينافي تعريفه بما لا يترتب عليها الثواب بل و ممّا ذكرنا ظهر الوجه في تعريفه بما تعود المصلحة إلى المأمور فتأمل جيدا ثم إن النّسبة بين الإرشادي و غيره عموم من وجه فإن أقسام الأوامر ثلاثة (قسم منها) ما علم فيه عدم محبوبية الفعل للآمر و هذا ليس فيه إلاّ جهة النّصح و الإرشاد و منه أوامر الطبيب و قوله تعالى‌ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ‌ و أوامر الإطاعة إذ ليس للإطاعة المأمور بها محبوبية و مطلوبية للشارع غير محبوبية الواجبات الشرعية و إلا لتسلسل و لذا لا يثاب و لا يعاقب زائدا عما يترتب على العناوين الأولية كالصّلاة و نحوها فلو كان الإطاعة أيضا محبوبة بمحبوبية مغايرة لزم ترتب المدح و الثواب و الذم و العقاب عليها مضافا إلى ما في العناوين الأولية و هو واضح (و قسم منها) ما علم أنّه ليس للنصح و الإرشاد بل لمحبوبية الفعل للأمر كأوامر الموالي إلى العبيد بما يتعلّق به أغراضهم و يمكن أن يجعل منه الأوامر الشرعية كلّها على مذهب الأشعري القائل بعدم إناطتها بالمفاسد و المصالح النفس الأمرية (و قسم منها) ما اجتمع فيه الأمران و سيق لهما معا و ذلك كالأوامر الشرعية على طريقة العدلية كما عرفت ثمّ إذا شككنا في موضع أن الأمر فيه هل هو للإرشاد أو التكليف فهل الأصل يقتضي أن يكون إرشاديّا أو تكليفيّا صرفا و يظهر الثمرة في أوامر الاحتياط و أمثالها ممّا كان مصبّه و محلّه نصحا و صلاحا للمأمور به فإنّ هذه الأوامر يمكن أن يكون للإرشاد المحض حيث لم يكن محبوبا للآمر رأسا فلا ثواب في فعله و لا ذمّ في تركه و يمكن أن يكون للتشريع المحض و التكليف الصّرف وجوبا أو ندبا فيثاب و يمدح بفعله و يذم بتركه و كذا لو كان للتشريع و النصح معا حيث عرفت جوازه و إمكانه (قلت) مقتضى الأصل الأولي العملي أن يكون إرشاديّا فإن المرجع فيما إذا شكّ في شي‌ء من الأحكام الشرعية من التكليف أو الوضعية هو أصالة العدم و لا يعارضه الأصل في جانب الإرشاد إذ لا يترتب عليه أثر و لا فائدة فالأصل في الطرف الآخر سليم عن المعارض و هذا أصل مطّرد و قاعدة كلّية في إجراء الأصل و هو أن كلّما لا يترتب عليه عمل من المشكوك لا يجري فيه الأصل لعدم إفادته لا علما و لا عملا (و التحقيق) في المقام هو أنا إن قلنا بأن الأمر الإرشادي إنشاء مغاير للطّلب أو إخبار محض عن المصلحة فمقتضى أصالة الحقيقة أن يكون غير إرشاديّ وجوبا كان أو ندبا فإن الإرشادي بالمعنيين خارج عن حقيقة الأمر حسبما يأتي الكلام فيه حيثما يقتضيه المقام و أمّا على تقدير كونه قسما من الطّلب إلزاميّا كان كأوامر الإطاعة أو غير إلزامي كقوله تعالى‌ فَاسْتَشْهِدُوا فقد يتراءى في بادي النظر أن يكون للتعبّد أيضا بناء على أن الإرشاد كالامتحان و التّسجيل و التهديد و نحوها من الأغراض و الدّواعي الخارجية فيرجع الشكّ حينئذ إلى الشكّ في أن الغرض من الأمر هل هو حصول الفعل المأمور به أو غيره من الأغراض الخارجية المخالفة للظاهر المحتاجة إلى القرينة و مقتضى الأصل بمعنى الظاهر أن يكون الأمر مسوقا لحصول الفعل المأمور به لا لأغراض أخر كما في الامتحان و التهديد و نحوهما فإنها و إن كانت حقائق لغوية إلاّ أنّها مجازات أصولية تحتاج إلى القرينة حسبما مرّت إليه الإشارة غير مرّة و يدفعه أن الإرشاد بالمعنى المذكور ليس كالامتحان و نحوه مما يكون الغرض فيه شي‌ء آخر ورى حصول الفعل المأمور به فإن مصلحة النصح أيضا يقتضي ذلك و إنّما الشكّ في محبوبية الفعل المأمور به و عدمه للآمر مضافا إلى ذلك و هذا مما لا ربط له بأصالة الحقيقة و لا بسائر الأصول اللّفظية فيرجع إلى الأصل المذكور المطابق للإرشاد و هو الأصل الأول حسبما عرفت آنفا و دعوى أن ظهور حال الآمر محبوبيّة الفعل المأمور به ممنوع جدّا إذ لا مدرك له و كذا دعوى الغلبة فإنّها بمجرّدها مما لا عبرة بها في مباحث الألفاظ من غير إحراز بناء العقلاء و العلماء (فإن قلت) العقلاء يذمون العبد عند عدم امتثال‌

أمر المولى احتمالا لكون الغرض منه صرف الإرشاد الغير المستتبع لوجوب الإطاعة و الذّم آية كونه دالاّ بالوضع أو بالقرينة العامة على محبوبية الفعل المأمور به للآمر و استحقاقه المدح و الثواب إذا أتى به إطاعة للمولى (قلت) ذم العقلاء على فرض استواء احتمال الإرشاد و التكليف غير معلوم بل معلوم العدم سيّما بعد منع ظهور حال الآمر محبوبية الفعل المأمور به و عدم جريان أصالة الحقيقة كما لا يخفى فتدبّر (و منها) الطّلب المطلق الشامل للوجوب و الندب و جعلوا من أمثلته قوله اغسل للجمعة و الجنابة و الأوامر المتعلّقة بالعناوين العامة الشاملة للواجبات و المستحبات و هذا الاستعمال ممّا لا بدّ للقائلين بكون الصّيغة حقيقة فيه دون الوجوب و النّدب من إثباته إذ لو لا ذلك لزم المجاز بلا حقيقة و هو واضح و يشكل ذلك بأن وضع الصّيغة كسائر الهيئات و المركبات وضع الحروف و المبهمات فيكون الوضع فيها عامّا و الموضوع له خاصّا و من شرط هذا الوضع أن لا يوجد اللّفظ مستعملا في القدر

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 267
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست