responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 227

بعض الواجبات كتناول بعض المعاصي ممّا يتدارك مفاسدها بالفتن الدنيوية و يدفعه أن تدارك المفسدة في دار الدّنيا بالفتن لا ينافي ثبوت استحقاق العقاب لأنّه حكم عقلي ثابت في ترك الواجب و لا يعقل التخصيص إلاّ أن يقال إن ما يستقلّ به العقل هو استحقاق المكافات و أمّا كونه خصوص العذاب فلا دليل عليه من عقل أو نقل (و الحاصل) أن ظاهر كلمة أو في الآية هو التقسيم دون الترديد فالمعنى أن مخالفة كلّ فرد من أفراد المخالفة يترتب عليها أحد الأمرين على سبيل منع الخلوّ و حينئذ فإن كان المراد بالعذاب و الفتنة بعد القطع بأن فعليتهما غير مرادة في المقام كما بيّنا احتمالهما بطل الاستدلال بها على كون الأمر للوجوب لقيام احتمال إصابة الفتنة في مخالفة كلّ أمر ندبي بل الظاهر حينئذ دلالة الآية على كون الأمر مشتركا بين الوجوب و النّدب و إن كان المراد بهما استحقاقهما تم الاستدلال لأنّ تعليق استحقاق الأمرين على مخالفة جنس الأمر القاضي بالعموم كما مرّ لا يستقيم إلاّ على تقدير كونه للوجوب هذا و من المحققين من أجاب عن الآية بأن حمل الآية على التقسيم خلاف الظّاهر المتبادر منها إذ الظّاهر منها دوران الأمر فيما يصيبهم بين الأمرين و هو لا يتم إلا في ترك الواجب لعدم قيام احتمال العذاب في ترك المندوب (قلت) و ظاهر هذا الكلام أو صريحه حمل كلمة أو على الترديد و أنت خبير بفساده (أمّا أوّلا) فلأنّ الترديد المستفاد من أدواته الموجودة في الكلام يرجع إلى التّرديد و الدّوران في نظر المتكلّم و محصّله كون المتكلّم مردّدا شاكّا في أنّ الّذي يصيب مخالف الأمر الوجوبي هل هو العذاب أو الفتنة و هذا القول مستحيل في الآية (و أمّا ثانيا) فلأنّ تصحيح هذا الكلام على وجه أمكن نسبته القول به إليه يتوقف على أن يكون المراد بالعذاب و الفتنة احتمالهما فيخرج بذلك عن ترديد المتكلّم و يصير المعنى أن من يخالف الأمر فليحذر في مخالفة كلّ فرد من أفراده عن أحد الأمرين أي عن احتمال ترتب أحدهما و لو كان الحذر عن الاحتمال لا معنى له سوى الحذر عن المحتمل و هذا إنّما يتجه إذا كان الترديد و الدّوران بينهما ملحوظا بالقياس إلى قوله فليحذر حتى يفيد وجوب الحذر عن احتمال إصابة أحدهما كما يقال يجب الحذر عن القطع بالهلاك أي عن الهلاك المقطوع و ليس الحال كذلك لأنّ العذاب و الفتنة فاعلان ليصيبهم فالمعنى أن ما يصيبهم دائر بين الأمرين و لا معنى لدورانه بينهما إلاّ بحسب الذهن و إلاّ فما يترتب على مخالفة الأمر الجزئي ليس إلاّ خصوص العذاب أو الفتنة أو هما معا و الترديد و الدّوران فيه غير معقول فيصير المعنى حينئذ أنّه يجب الحذر عن إصابة الأمر المردّد في الذّهن و المفهوم المحصّل منه وجوب الحذر عن إصابة احتمال أحد الأمرين لا احتمال إصابة أحدهما و هذا المعنى في غاية البعد و الفساد في كلام البشر فضلا عن كلام خالقهم و ربما أجيب أيضا عن الإيراد المذكور بأن حمل كلمة أو في الآية على التقسيم يستلزم استعمال لفظ الأمر في المعنيين أعني الوجوب و الندب و هو غير جائز و هذا الكلام يجب الإعراض عن ذكر مفاسده تستيرا على قائله (و ثانيها) ما أشار إليه في القوانين أن غاية ما يستفاد من الآية كون مادّة الأمر للوجوب و هذا لا يدلّ على أن الصّيغة أيضا كذلك و أجيب عنه بصدق الأمر عرفا على الصّيغة المجرّدة فتكون مفيدة للوجوب (قلت) و يرد على المجيب أن مذهبه في مدلول لفظ الأمر اعتبار العلوّ أو الاستعلاء و في محلّ النزاع كون المتنازع فيه مدلول نفس الصّيغة مع قطع النظر عن قائلها فكيف يتيسّر له دعوى صدق الأمر حقيقة على الصّيغة المجرّدة و لعلّه أراد بالصّيغة المجرّدة ما كانت كذلك عند صدورها من العالي غفلة عن أن اعتبار الصّدور من العالي ينافي اعتبار التجرّد و خروج عن محلّ النزاع أيضا مع أنّ هذه الدّعوى في مقابل من يفصل بين المادّة و الهيئة يشبه المصادرة و لعلّ المعترض ممن يعترف بدلالة المادة دون الهيئة و يقول إنّ الهيئة بنفسها مع قطع النظر عن اعتبارات زائدة ليست مصداقا للأمر فالصّواب أن يجاب بأن الصّيغة الصّادرة من العالي عند التّجرّد عن قرائن النّدب و غيره مصداق للأمر عرفا و هذا يكفي في دلالته على الوجوب وضعا لأنّها لو لم يكن مفيدة للوجوب عند الإطلاق لم يكن مصداقا للأمر الّذي يفيد الوجوب بحكم الآية فالاستدلال بالآية لإثبات الكبرى و دعوى الصّدق العرفي لإثبات الصّغرى و حينئذ فلا يتوجّه ما اعترض به في القوانين من أنّ الصّيغة إنّما يسلم صدق الأمر

عليها لو كانت مستعملة في الطّلب على نحو الاستعلاء المستلزم للوجوب و أمّا إذا أريد بها مجرّد النّدب أو الإرشاد فصدق الأمر عليه غير مسلم قال و أيضا فعلى هذا فلا معنى للنزاع في دلالة صيغة افعل على الوجوب و يكفي في ثبوت ذلك إثبات دلالة لفظ الأمر عليه و هو كما ترى خلاف ما اتفقت عليه كلمة الأصوليين (قلت) أمّا ما ذكره أولا فلا وقع له لأنّ صدق الأمر على الصّيغة الصادرة من العالي لا يتوقف على إحراز كونها للوجوب و إن كان ملازما إيّاه بل يتوقف على عدم قيام القرينة على الندب و لعلّه (قدّس سرّه) خلط بين التوقف و الاستلزام و بينهما بون بعيد و نظر المستدلّ إلى أنا نجد أهل العرف يطلقون الأمر على الصّيغة باعتبار معناها المنساق منها عرفا عند الإطلاق فإذا ثبت بالآية دلالة الأمر على الوجوب ثبت دلالة الصّيغة المجرّدة لكونها من مصاديقها و أمّا قوله أخيرا و أيضا فهو أوضح سقوطا لأنّ إنكاره دلالة الصّيغة على الوجوب قد يستند إلى عدم دلالة المادّة مع الاعتراف بالصّدق‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 227
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست