responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 228

العرفي و قد عرفت فيما مضى أنّ الأكثر على كون مادة الأمر القدر المشترك فقوله إنّ البحث في المادّة مغن عن البحث في الهيئة لا وجه له مع أنّك عرفت أن الكلّ أو الجلّ لم يبحثوا في المادة من حيث دلالتها على الوجوب أو النّدب و إنّما تعرضه بعض الأصحاب فالاستدلال بالآية على المدّعى لا غبار عليه من هذه الجهة (و ثالثها) ما يرجع إلى مقالة السيّد و العلاّمة (رحمه الله) في النهاية من دلالتها على كون الأمر للوجوب شرعا لا لغة و أجيب عنه بأن تعليق التهديد على مجرّد مخالفة الأمر قاض بعدم استناد فهم الوجوب إلى شي‌ء آخر عدا الصّيغة و هذا الجواب ذكره بعض المحققين و الظّاهر أنّه سهو صدر عن القلم إذ لا فرق بين الوضع الشرعي و اللّغوي في استناد فهم الوجوب إلى حاق الصّيغة فالأولى أن يجاب بأنّه إن أريد دلالة الآية على أن الصيغة منقولة شرعا من الطلب المطلق إلى الوجوب فهو واضح الفساد و إن أريد أنّ غاية ما يستفاد منها كون الأوامر الشرعية مفيدة للوجوب و هو أعمّ من كونها كذلك لغة فهو مسلّم لكن المدعى حينئذ يتم بأصالة عدم النقل (و رابعها) ما يرجع إلى ما ذكره صاحب الوافية من عدم دلالتها إلا على كون المراد بالأوامر الشرعية هو الوجوب و المدعى كون الأمر مفيدا له بحسب الوضع اللّغوي و محصّل ذلك كون الآية و أمثالها قرينة عامة على إرادة الوجوب فلا ينافي كون الأمر موضوعا للقدر المشترك و الجواب أن تعليق التهديد على مجرّد مخالفة الأمر دليل على عدم استناد فهم الوجوب إلى شي‌ء آخر غير الصّيغة و القول بأن نفس التهديد قرينة عامة على إرادة الوجوب إنّما يمكن بالقياس إلى الأوامر الّتي صدرت بعد نزول الآية دون الأوامر الّتي صدرت قبلها للزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة لبعد صدورها قبل زمان الحاجة في الجميع (و خامسها) و هو المرضي عندي أن الاستدلال بها يتوقف على أن يكون التهديد معلّقا على مخالفة جنس الأمر من غير اعتبار خصوصية زائدة و للمعترض أن يمنعه و يقول لم لا يجوز أن يكون المراد بالأمر هنا خصوص فرد منه أعني الأمر الوجوبي بقرينة نفس التهديد (و توضيح ذلك) أن غاية ما يستفاد من ملاحظة التهديد كون المهدّد عليه دالا على الوجوب و أمّا أنّه جنس الأمر حتى يكون دليلا إنّيا على كونه موضوعا للوجوب أو خصوص فرد منه حتى يتفرع عليه كونه موضوعا للقدر المشترك فلا بدّ فيه من التماس دليل آخر قولك إنّه لو كان خصوص بعض الأفراد يوجب نصب القرينة عليه و المفروض عدمها و لو بحكم الأصل قلنا نفس التهديد يصلح قرينة على ذلك لو كان الأمر في نفس الأمر موضوعا للقدر المشترك و لذا لو بدلنا قوله عن أمره بقولنا عن طلبه و إرادته كان الكلام أيضا صحيحا مع أن الطّلب و الإرادة موضوعان للقدر المشترك جدّا (و الحاصل) أن المستدلّ يحتاج في تقريب الاستدلال إلى إثبات كون المعلّق عليه التهديد جنس الأمر و إثبات ذلك يتوقف على أن لا يكون في الكلام ما يصلح قرينة على الفرد على تقدير كونه موضوعا للقدر المشترك و للمعترض منع المقدمة الأخيرة و الّذي يفصح عن ذلك أنّه لو كان للمعترض دليل على كونه موضوعا للقدر المشترك لم يجز للمستدلّ معارضة بالآية إذ لا منافاة بين ذلك الدّليل و بين الآية كما أنه لا معارضة بينها و بين ما دلّ على أنّ الإرادة و الطّلب موضوعان للقدر المشترك لو بدلنا لفظ الأمر بلفظ الطّلب أو الإرادة هذا و يمكن الذبّ عن هذا الإيراد بما نبّهنا عليه في غير موضع من أنّ الأصل في الكلام أن يكون كلّ واحد من طرفيه غنيّا في إفادة المقصود الواقعي عن الآخر كما سبق بعض التوضيح لذلك في الآية السّابقة فلا يجوز جعل ما هو في مرتبة الجزء قرينة على المراد ممّا هو في مرتبة الشرط فإن تم هذا و إلاّ فلا أجد لهذا الإيراد ذابّا و اللّه الهادي‌

[5- قوله تعالى (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك)]

(و منها) قوله عزّ من قائل مخاطبا لإبليس‌ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ‌ و تقريب الاستدلال أنّ هذا الاستفهام هنا للإنكار و الاعتراض على إبليس في مخالفة الأمر و لو لا أنّه للوجوب لما كان الاعتراض متوجّها و كان له الاعتذار بأن الأمر ليس للوجوب فما صدر منّي معصية حتّى استحق بها اللّوم و الإنكار و أورد عليه في المنية و غيره بما أشرنا إليه في الآية السّابقة من أنّها لا تدلّ على أنّ الصّيغة للوجوب بل على أنّ الأمر يدلّ عليه و أجاب عنه في المعالم تبعا للعضدي و الفاضل المحشي أن المراد بالأمر اسجدوا في قوله تعالى‌ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ* و حاول المدقّق الشيرواني إتمام الاستدلال على تقدير الإغماض عن ذلك و حاصل ما قال أنّ الأمر حقيقة في نفس الصّيغة على ما هو المشهور فلو كان مشتركا بين الوجوب و الندب لم يحسن ترتب الذم على مخالفة مجرّد الأمر بل كان الواجب أن يذكر ما هو مناط الذم ألا ترى أنّ من عاتب غلامه الّذي أخذ شيئا من داره على المدخول في داره و قد نهاه عن الأخذ دون الدخول أو على دخول الغلام عليه و قد نهاه عن الدّخول عليه بمحضر جماعة إذا دخل عليه عند حضور الجماعة عدّ كلامه هذا سخيفا قلت لا نجد سخافة في تعليق الحكم على الجنس مع مدخليّة بعض الخصوصيّات إذا لم يترتب على ذكر الخصوصيّة فائدة كيف و جميع الخطابات المهملة الواردة في مقام بيان حكم آخر من هذا القبيل نظير قول الطّبيب للمريض لا بدّ لك من شرب الدّواء مع عدم بيان الخصوصيّة إذا لم يكن المقام مقتضيا للبيان و على هذا فلا وجه لما ادّعاه من السّخافة في المثال الأخير إذ لا يترتب على ذكر خصوصيّة حضور الجماعة عند المعاتبة فائدة يجب مراعاتها على المتكلّم بل ربما يساعد بعض الوجوه المحسّنة على الاقتصار

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست