responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 202

مستعل بل ينصرف إلى كونه عاليا و يبنى عليه و احتجّ في المختصر و شرحه على كفاية الاستعلاء و عليه الأكثر كما قيل بأن العقلاء يذمّون الأدنى بسبب أنّه أمر المولى فلو اشترط العلوّ لما كان أمرا و تبعهم على هذا الاستدلال غير واحد من أصحابنا المتأخّرين و منهم بعض المحقّقين و هو عندي غير صحيح (أمّا أوّلا) فلأنّ المستعلي يجعل نفسه عاليا و ينزلها منزلته فيستعلي فالعلوّ المعتبر في مفهوم الأمر موجود في الداني المستعلي و لو على سبيل الادّعاء نظير إطلاق العالم على الجاهل الّذي يدّعي المتكلّم علمه فإنّه لا شبهة في أنّ إطلاق العالم عليه حقيقة لغويّة و لو ادّعاء مع أن المعتبر في مفهوم العالم صفة واقعية يضاد الجهل الواقعي بالضّرورة (فإن قلت) هذا اعتراف بمقالة من يكتفي بالاستعلاء لأنّهم يقولون إن العلوّ المعتبر أعمّ من أن يكون حقيقة أو ادّعاء و تكبرا (قلت) من يعترف بما ذكرناه فلا بد أن يلتزم بأن استعمال لفظ الأمر في طلب المستعلي حقيقة ادّعائية لا واقعية و هم لا يقولون بذلك بل يزعمون أنّ صدق الأمر في صورة الاستعلاء غير مبني على شي‌ء من التنزيل و الادّعاء بل هو مثل الصّدق في صورة صدوره من العالي و مرجع كلامنا إلى أنا لا ننكر صدق الأمر في صورة الاستعلاء لكنا ندعي ابتناءه على نحو من التنزيل و الادعاء فيكون حقيقة ادّعائية فافهم فإنّ هذا النّحو من الصّدق لا ينافي ما ادّعينا من صحّة السّلب بخلاف ما يقولونه فإنّ صحّة السّلب لا تجامعه كما لا يخفى (و أمّا ثانيا) فلأنّه إن أريد باستقباح العقلاء استقباحهم القول الصّادر من الداني على سبيل الاستعلاء كصيغة افعل فهو مسلّم بل هو من الاستكبار المذموم في القرآن على إبليس لعنه اللَّه تعالى و لكنّه لا يجدي إذ لا مساس له بالمدّعى و هو صدق مادّة الأمر بمجرّد الاستعلاء و كذا لو أريد استقباحهم قول الدّاني للعالي أنت مأمور بكذا لأنّ قبح ذلك أيضا باعتبار دلالته على عدّ الدّاني نفسه عاليا بحكم دلالة لفظ الأمر على ذلك و هو عين الاستعلاء و الاستكبار القبيحين و إن أريد أنّ أهل اللّسان يعبّرون عن طلبه الصّادر استعلاء بلفظ الأمر فمع استدراك مقدّمة الذمّ و الاستقباح كما لا يخفى على المتدرّب يرد عليه أنّ غاية ما يلزم من ذلك ثبوت الاستعمال و هو أعمّ من الحقيقة و لو بني على طريقة السيّد من كون الأصل في الاستعمال الحقيقة مطلقا أو مع شيوعه و استمراره لم يفد في المقام أيضا لأنّ التعويل على ظاهر الاستعمال إنّما يصحّ إذا لم يعارضه أقوى منه من العلائم و قد عرفت أنّه يصحّ سلب الأمر عن القول الصّادر من الدّاني على سبيل الإيجاب مستعليا و هذا أصل نافع يجب إمساكه و إعماله في كلّ ما يرد في الاستعمالات الدّائرة من تعارض النفي و الإثبات كما إذا قيل للبليد إنّه إنسان و أخرى إنّه ليس بإنسان فإنّه لا بدّ حينئذ من تقديم جانب النفي حيث إنّ الإثبات يجري فيه ما لا يجري في النفي من الاحتمالات المبنية على ضروب المجاز كالمسامحة و التنزيل و الادّعاء و التشبيه و غير ذلك ممّا يبعد أو يمتنع وجوده في النفي فتأمل و ربما استدلّ بهذا الدّليل كما عن المعتزلة على اعتبار العلو في مفهوم الأمر فهو ممّا استدلّ به على طرفي النقيض و لعلّ نظرهم إلى أنّ الذّم و الاستقباح إنّما هو على شي‌ء يرجع إلى اللّغة (و حاصله) تغليط أهل العرف قول الدّاني للعالي افعل على سبيل الاستعلاء و التغليط لا يكون إلاّ باعتبار انتفاء الوضع و عدم العلاقة و فيه أنّ الاستعمال الغلط لا يصلح للذمّ و تقبيح العقلاء مضافا إلى إمكان إبداء علاقة التضاد هنا و قد يستدلّ على عدم اعتبار العلوّ و كفاية الاستعلاء بما ذكره العلاّمة (قدّس سرّه) في النّهاية من إطلاق الأمر على طلب الداني في قوله تعالى حكاية عن فرعون أنّه قال لقومه‌ فَما ذا تَأْمُرُونَ* و في قول عمرو بن العاص لمعاوية

أمرتك أمرا جازما فعصيتني‌* * * و كان من التوفيق قتل بن هاشم‌

و في قول دريد بن صحت لنظرائه و لمن هو فوقه‌

أمرتكموا أمري بمنفرج اللّوى‌* * * و هل يستبان الرّشد إلاّ ضحى الغد

و في قول ابن المنذر لبريد ابن المهلب أمير خراسان و العراق‌

أمرتك أمرا جازما فعصيتني‌* * * فأصبحت مسلوب الإمارة نادما

و فيه بعد الغضّ عن عدم نهوض الاستعمال بإثبات الوضع ما ذكره السّيد في المحصول من أنّ قول فرعون كان لاستمالة قلوب القوم حين ضاق به الخناق ليمحّضوه النصح في مثار الفتنة و قول ابن العاص كان في مقام المكاشرة و المضاحكة و كم له من مثلها (و إن شئت) فانظر إلى قصيدته الّتي يقول فيها نسيت مجاورة الأشعري و نحن على دومة الجندل‌

و رقّيتك المنبر المشمخر* * * بلا حدّ سيف و لا منصل‌

إلى أن قال لعنه اللَّه‌

و أين الثّريّا و أين الثّرى‌* * * و أين معاوية من علي (عليه السلام)

و هكذا جميع ما ورد من تلك الاستعمالات فهي محمولة على الأغراض الزائدة عن غرض التفهيم الّتي يتوقّف على وضع لفظ في غير موضعه الّذي عيّنه الواضع هذا مضافا إلى أنّ الأخذ بظاهر الاستعمالات هنا مناف لمقالة المستدلّ من اعتبار الاستعلاء إذ لم يعلم استعلاء الأمر في تلك المواضع و لذا استدلّ بها من ذهب إلى عدم اعتبار شي‌ء من الأمرين كالعضدي حيث وجد الإطلاقات مجرّدة عن العلوّ و الاستعلاء و دعوى ثبوت الاستعلاء بقرينة لفظ الأمر استدلال دوريّ كما لا يخفى و لك أن تستدلّ بهذه الاستعمالات على خلاف مقصود المستدلّ (فتقول) إنّه لا ريب في أنّ مساق الآية صريح في أن قول فرعون ما ذا تأمرون كان لأجل الاستمالة كما ذكره السّيد فلو كان الأمر غير موضوع‌

نام کتاب : بدائع الأفكار نویسنده : الرشتي، الميرزا حبيب الله    جلد : 1  صفحه : 202
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست