و قد عرفت أنّ المرجوح لا يمكن أن يجعل حكم اللّه، لأنّ معنى كونه مرجوحا أنّ الظاهر أنّه ليس حكم اللّه.
و أيضا ورد: أنّ الحديث إذا ورد عليكم فاعرضوه على السنّة، فإن وافقها فخذوا به و إلاّ فدعوه، و كذا ورد كثيرا بالنّسبة إلى القرآن [1]- كما أشرنا سابقا- و قس على هذا حال ما اشتهر بين الأصحاب، و غير ذلك. فإن كان العامّ موافقا لهذه الأمور لا جرم يكون المعمول به هو العامّ حينئذ بلا تأمّل، لما ورد في تلك الأخبار و غيرها مضافا إلى الاعتبار.
و كذا ورد عنهم (عليهم السلام): «اعرضوا الحديث على سائر أحكامنا فإن وجدتموه يشبهها فخذوا به، و إلاّ فلا» [2].
و أيضا: القاعدة إذا كانت قطعيّة فلا يجوز أن يخصّصها علمي لو فرض، فضلا عن ظنّي.
و بالجملة لا شبهة لأحد في بعض المواضع و لا تأمّل في أنّ النّص المخالف ليس بحجّة، و لا بدّ من الطرح أو التأويل. مثل ما ظهر من بعض الأخبار من أنّه يجوز أن يتطهّر بالنجس حال الاضطرار [1]، و إنّ الشيء ربّما يصير نجسا حال الاختيار و طاهر حال الاضطرار، و مثل أنّ الماء القليل
[1] الرواية هكذا: كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء و يستسقى فيه من بئر فيستنجي فيه الإنسان من بول أو يغتسل فيه الجنب ما حده الّذي لا يجوز؟
فكتب لا تتوضأ من مثل هذا إلاّ من ضرورة إليه. انظر التهذيب 1: 418.
[1] الوسائل 18: 89 الباب: 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 48.
[2] الوسائل 18: 87 الباب: 69 من أبواب صفات القاضي الحديث 40. و قد نقل (رحمه اللّه) بعض الحديث بالمضمون.