و يدلّ على مذهب المجتهدين أيضا استصحاب عدم التكليف السّابق.
حجّة الأخباريين: الأخبار [1] الدالّة على التّوقّف إذا لم يعلم الحكم.
و فيه: أنّ المجتهدين قائلون بمضمونها، بل أساس اجتهادهم و مذهبهم على مضامين هذه الأخبار، إذ عرفت أنّهم- من جهة أنّ الفتوى لا بدّ من أن تنتهي إلى العلم- يقولون: إنّ الحجّة ظنّ المجتهد الجامع الشرائط، لا ظنّ غيره، لوجود العلم و اليقين بحجّيّة ظنّه.
و يرد عليهم اعتراضات أخر ستعرفها.
و استدلّوا أيضا بقوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلم) «حلال بيّن، و حرام بيّن، و شبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات، و هلك من حيث لا يعلم» [2].
و فيه أيضا نظر من وجوه:
الأوّل: أنّه لا يدلّ على وجوب التّوقّف أو الحرمة، بل ظاهره أنّه إن اتّفق كونه حراما في الواقع يهلك، و إلاّ فلا.
و الحاصل: أنّ في الخبر تصريحا بأنّ الشبهة غير الحرام، و أنّها بين الحلال و الحرام، و تصريحا أيضا: بأنّ الهلاك من حيث لا يعلم، فلا يكون الهلاك [3] بإزاء ارتكاب الشبهة، لأنّها معلومة و الهلاك من حيث لا يعلم، فلا يكون قوله (صلّى اللّه عليه و آله و سلم): «من أخذ بالشّبهات ارتكب المحرّمات»
[1] الوسائل 18: 82 الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 1 و 21.