responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 342

و تحريم الفعل القبيح و لو سلّم فلا دلالة له على مساواة الحكم الشرعي للجهة العقلية مع أن هذه الآية وردت بيانا لأوصاف نبيّنا (صلى اللَّه عليه و آله) كما يدل عليه ما قبلها فلا يدل على تعميم الحكم إلى سائر الشرائع و أمّا الآية الرابعة فمع ورود بعض المناقشات المتقدمة فيها يمكن حمل المعروف فيها على الواجبات الشرعية و المنكر على المحرمات الشرعية فلا يدل على المقصود و هذا الاحتمال و بما يتأتى في الآية الثالثة أيضا و ممّا مرّ يظهر وجه المناقشة في الآية الأخيرة الثاني أن هذه الآيات لو سلم دلالتها على المقصود كما هو الظاهر من سياقها بعد ضمّ بعضها إلى بعض و ملاحظتها بجملتها فلا ريب في أنها إنما ثبت بها ما ادّعيناه من الملازمة الظاهريّة دون الواقعية فإنّ العام اللفظي مما يقبل التخصيص عند قيام دليله السّادس الأخبار الواردة في باب العقل و الجهل فإنها تدل على أنّ العقل ممّا يثاب و يعاقب به و على أنّ العقل ممّا يكتسب به الجنان و ذلك كلّه دليل على حجية مدركاته و الجواب أن المفهوم من تلك الأخبار أنّ الثواب و العقاب لا يتحققان بدون العقل و هو ممّا لا كلام فيه و إمّا أن العقل يستقل بإدراك الأحكام الشرعية أو أنّ الملازمة بين حكم العقل و حكم الشرع متحققة فما لا شعار لتلك الأخبار بذلك كما لا يخفى احتج المنكرون للملازمة أيضا بوجوه الأول قوله تعالى و ما كنّا معذبين حتى نبعث رسولا فإنّه يدل على نفي التعذيب قبل البعثة فلا وجوب بدونها شرعا و لا حرمة و الجواب أما أولا فبأنّ نفي التعذيب لا يقتضي نفي الاستحقاق و المعتبر في تحقق الوجوب و الحرمة إنما هو استحقاق العقاب لا وقوعه و اعترض عليه بوجهين الأول أنّ الحرام الشرعي هو ما يجوز المكلف العقاب على تركه و لا تجويز مع إخباره تعالى بالعدم و فيه أنّه خروج عن محل النزاع لما عرفت من أنّ الكلام هنا في الواجب و الحرام الشرعيّين بمعنى ما يستحق فيهما العقاب تركا أو فعلا كما هو معناهما المعروف لا غير بل المعترض المذكور أيضا قد فسرهما قبل الاستدلال بذلك إلا أنه التجاء إلى اختراع هذا المعنى هنا تفصيا عن الاتكال المذكور و تخلصا منه على أنّ الحد الذي ذكره منقوض بالصّغائر حيث ورد الوعد بالعفو عنها فلا تجويز معه للعقاب مع أنه داخل في نوع الحرام قطعا الثاني أنّ الواجب الشرعي ما يوجب فعله الثواب من حيث إنه طاعة و تركه العقاب من حيث إنه معصية و على قياسه الحرام الشرعي و إخباره تعالى بنفي التعذيب يوجب إباحته للفعل فلا يتحقق هناك طاعة و لا معصية فلا يتحقق وجود و لا حرمة و الجواب عنه ظاهر ممّا مرّ لأنه إن أريد أنّ الواجب الشرعي أو حرامه ما يوجب ترتب العقاب على الترك أو على الفعل أو تجويز ترتبه عليه فممنوع كما مرّ و إن أريد أنه ما يوجب استحقاقه فمسلّم لكن لا نسلم أنّ نفي التعذيب يدل على نفيه أو يوجب الإباحة كما عرفت في الصّغائر فاستحقاق العقاب من حيث المخالفة و المعصية لا تنافي عدم وقوعه بإخباره تعالى تفضّلا منه على عباده و أمّا ثانيا فبأنّ غاية ما يقتضيه الآية عدم التعذيب قبل البعثة و هو لا ينافي وقوعه بعدها إذ لا ريب أنّ المقصود بهذا البحث إنما هو بيان الحال بالنسبة إلى هذه الأمة حيث لا غرض لنا بالبحث عن أحوال غيرهم و ظاهر أنّ البعثة متحققة في حقهم مع وصول كثير من الأحكام إليهم تفصيلا و وصول الباقي إجمالا مستفادا ممّا دل على أنه ما من واقعة إلا و لها حكم مخزون عند أهله فلا يقتضي نفي التعذيب بالنسبة إليهم غاية ما في الباب أن يدل على نفي التعذيب في حقّ من لم يتحقق في حقه البعثة كأهل الصّدر الأول على مذهب العامة و مع ذلك لا تدل على نفي حجية العقل بالنسبة إليهم لجواز أن يكون عقولهم قاصرة عن الاستقلال بشي‌ء من الأحكام و أمّا على ما ذهب إليه الخاصّة من عدم خلوّ زمان عن البعثة فيجوز أن يكون المراد أن التعذيب إنما كان بعد البعثة و إتمام الحجة و إكمالها فيكون مسوقة لبيان مزيد استحقاقهم و تناهيهم في العتو لا أنه لو لم تقع البعثة لم يقع التعذيب و نظيره شائع في الاستعمال إلا أنّ فيه خروجا عن الظاهر و أمّا ما يقال من أنّ المراد ببعث الرّسول بعثه بالبيان التفصيلي و تبليغه إيّاه إلى المكلفين لا البيان الإجمالي و إن قام العقل ببيان التفصيلي فمجرّد احتمال لا يتم به الاستدلال لجواز أن يكون المراد

بغتة بالبيان في الجملة بل ربما كان هذا أوفق بظاهر الإطلاق فإن استبعد ذلك من حيث إن لا مدخل في جواز التكليف بالأحكام التي يستقل العقل بها لتبليغ غيرها من الأحكام لدفعناه بأنه لا ريب في إدراك العقل فيما يستقل به ممّا يتكامل و يتقوى بعد البعثة و التبليغ و لو في غيره لاستئناسه حينئذ بالشرع في الجملة و علمه بأنه تعالى لم يهمله في أفعاله فلا غرو في أن يكون لمثل ذلك مدخل في التعذيب على أنا نقول حال العقل الكاشف عن الحكم المعلوم إجمالا حال الإجماع و الضّرورة و السّيرة الكاشفة عنه فهما بمنزلة الواحدة في الكشف فإن قلت هذه كاشفة عن صدور البيان عن المعصوم بطريق القول أو الفعل أو التقرير إذ لا بدّلها من مستند يرجع إلى أحد هذه الأمور قلنا فالعقل أيضا كاشف عن بيانه (صلى اللَّه عليه و آله) في الجملة و لو لأوصيائه للأخبار الدالة على أنّ جميع الأحكام مخزونة عند أهله إلى الأئمة (عليهم السلام) بإملائه و تعليمه فالعقل الكاشف عن الحكم كاشف عن هذا البيان أيضا غاية ما هناك من الفرق أن الإجماع و أخويه تكشف أولا عن البيان ثم عن الحكم فالعقل يكشف أولا عن الحكم ثم عن البيان بملاحظة تلك الأخبار و هذا لا يصلح فارقا في اندراج تلك المدارك في الآية دون العقل و أمّا ثالثا فبأن الآية على بيانهم إنما يقتضي نفي الوجوب و الحرمة إذ لا تعذيب في البواقي فلا يقتضي نفيه نفيها و لعل الخصم يخصّ الدعوى بها أو يتمسّك في التعميم بعدم القول بالفصل و هو كما ترى و أجاب بعض المعاصرين عن أصل الحجة بأن الآية على تقدير تسليم دلالتها على‌

نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 342
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست