responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 341

و استحبابه له و إذا أدرك قبحه أدرك علم الشارع به و استكراهه له و لا نعني بالحكم الشرعي الاستحباب الشارع للشي‌ء المنقسم إلى استحباب إيجابيّ و ندبيّ و استكراهه المنقسم إلى استكراه تحريميّ و تنزيهيّ فاستقلاله بإدراك أحد الأمرين يوجب استقلاله بإدراك الآخر و ذلك لما ثبت عندنا من أن الأمر عبادة عن إرادة الفعل من المكلف و النهي عبارة عن إرادة الترك منه و الجواب ظاهر مما مرّ فإنا لا نسلم أن حسن الشي‌ء أو قبحه يستلزم وقوع الإلزام بفعله أو تركه من كل مكلف حكيم و إنّما يسلّم ذلك في حق من ليس له سلطان المالكية و لا تملك المجازات بالإنعام و الانتقام كالعقل فإن حكومته في الأفعال حكومة إرشاد و هداية لا حكومة سياسة و سلطنة و لهذا لا يستحق الذم من يخالف العقل من جهة مخالفته لأمر العقل أو نهيه بل من جهة علمه بقبح الفعل و ارتكابه له و أمّا من كان له رتبة السّياسة و السّلطنة فلا بدّ أن يراعي في أحكامه الحكم التي يناسب نظام السّياسة و يحسن مراعاتها في القيام بوظائف السّلطنة فقد يتوقف انتظام أمر السياسة على رفع التكليف إلى أمد معلوم كزمان البلوغ و إن حصّل عقل التكليف قبله أو على اعتبار طريق في تعيين مورد الحسن و القبح غير العلم لكونه أولى عنده من إناطة الحكم به أو ما أشبه ذلك و قد يقتضي مقام السّياسة اختبار العبد بالإلزام ببعض الأعمال التي يحسن اختباره بها و إن تجردت في نفسها عن صفة الحسن و قد يقتضي منعه عن تناول بعض المآكل اللذيذة المباحة عقلا مجازاة له على بعض الأعمال القبيحة كقوله تعالى في تحريم الشحوم على اليهود ذلك جزيناهم ببغيهم إلى غير ذلك فإن شيئا من هذه الجهات مما لا سبيل للعقل إلى اعتباره بالنسبة إلى أحكامه الرابع الأمر بالقبيح قبيح عند العقل كالنهي عن الحسن فيمتنع صدوره عنه تعالى لعلمه و حكمته و تعاليه عن شوب الحاجة و النقصان لا يقال لا يلزم من ذلك وقوع الأمر بالحسن و النهي عن القبيح ليتم الملازمة لجواز خلو الواقعة عن الحكم رأسا فإنّ الحكم أمر جعلي و يجوز أن لا يكون للشارع في خصوص واقعة جعل أصلا لأنا نقول هذا الاحتجاج مبني على ما ثبت عندنا بالأخبار و الآثار من أنّ للّه تعالى في كل واقعة حكما معيّنا بيّنه لنبيّه (صلى اللَّه عليه و آله) و بيّنه النّبي لأوصيائه (عليه السلام) فالأحكام كلها مقررة عندهم مخزونة لديهم و ليس في الواقع واقعة خالية عن الحكم و يمكن التمسّك في دفع ذلك أيضا بما مرّ في الدليل السّابق إلا أنه يخل بتعددهما و الجواب عنه أيضا ظاهر مما مرّ فإنّا نلتزم بقبح الأمر بالقبيح و النهي عن الحسن في حقه تعالى كما مر لكن لا يثبت بمجرّد ذلك الملازمة الكلية بين العقل و الشرع كما عرفت الخامس الآيات الدالة على ذلك كقوله تعالى إنّ اللّه يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر وجه الدلالة إن عدل كلّ شي‌ء وسطه و مستقيمة فعدل الأفعال مستقيمها و مستحسنها عقلا و قضية تعلق الأمر به و عدم انفكاك حسن الفعل عن أمر الشارع به و الفحشاء كالمنكر عبارة عن ما هو قبيح عقلا و قضيّة النّهي عنه عدم انفكاك قبح الشي‌ء عن النهي الشرعيّ و لو عمّمنا الألفاظ الثلاثة إلى الترك لدل كل من الفقرتين على كل من الحكمين و قوله تعالى قل إنما حرّم ربّي الفواحش ما ظهر منها و ما بطن فإنّه يدل على أن كل قبيح عقلي محرّم شرعا و لو عمم الفواحش إلى التروك دل على أن كل واجب عقلي واجب شرعا و في هذه الآية دلالة على حصر المحرّمات الشرعية في القبائح العقلية و قوله تعالى يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحلّ لهم الطيّبات و يحرّم عليهم الخبائث و وجه الدلالة أن المعروف هو الحسن العقلي و المنكر هو القبيح العقلي و قضية الأمر بالأول و النهي عن الثاني عدم الانفكاك في المقامين و جعل بعض أفاضل المتأخرين موضع الاستدلال بهذه الآية قوله تعالى و يحلّ لهم الطيّبات و يحرم عليهم الخبائث و وجه الاستدلال به أنّ الطيب ظاهر فيما حسن فعله و الخبيث فيما قبح فعله فيستفاد حلية كل حسن و حرمة كل قبيح و قوله تعالى و لتكن منكم أمة يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و قوله تعالى و أمر بالعرف و أمثال ذلك و وجه الاستدلال بها ما مر و الجواب من وجهين الأول أن هذه الآيات لا تساعد على إثبات الملازمة الكلية أمّا الآية

الأولى فللمنع من كون المراد بالعدل ما يقابل القبيح بل ما يقابل الظلم تنزيلا للفظ على معناه المتبادر الظاهر سلّمنا لكن لا أقل من تكافؤ الاحتمالين فلا يتم الدلالة سلمنا لكن لا عموم في العدل فإنه مفرد معرّف و هو ظاهر في الجنس و لا دلالة لها أيضا على الحصر فيجوز الانفكاك من الجانبين مع أن الأمر ظاهر في الإيجاب و العدل بالمعنى المذكور يتناول المندوب فإن حملا على ظاهرهما دل على خلاف المقصود و إن حمل الأمر على مطلق الطلب أو العدل على الحسن الواجب فمع كونه احتمالا لا شاهد عليه غير مفيد لعدم إفادته المساواة على الأول و عدم شموله للمندوب على الثاني و بهذا يظهر الكلام في بقية الآيات فإنّ المراد بالفحشاء و المنكر إن كان ما يختصّ بالقبيح المحرّم كما هو الظاهر لم يتناول الآية حكم المكروه فلا يتم المقصود و إن كان ما يتناول المكروه فإن حمل النهي على ظاهره من التحريم دل على خلاف المقصود و إن حمل على الأعم منه و من الكراهة فمع عدم قرينة عليه لا يفيد المساواة بين حكم العقل و الشرع كما هو المدعى مع أنها لا تفيد الحصر فيجوز تعلق النهي بغير القبيح للاختيار و الامتحان و غير ذلك و من هذا البيان يظهر الكلام في دلالة الآية الثانية و الثالثة و أما الاستدلال بقوله تعالى يحلّ لهم الطيّبات و يحرّم عليهم الخبائث فضعيف لأنه ظاهر في تحليل الطيب من المأكول و الخبيث منه لا تحليل الفعل الحسن و

نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 341
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست