responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 334

الاختيار و أمّا بعد ارتفاعه فيمتنع بقاء التكليف بها و لا يلزم منه وقوعها بلا حكم بالنسبة إلى زمن الاختيار كيف و هي مورد التكليف الذي تحقق في ذلك الزّمان و إنما اللاّزم وقوعها بلا حكم بالنسبة إلى ما بعد زمن الاختيار إذ لا تكليف بها فيه فهي واجبة مثلا أو محرّمة بالإيجاب السّابق أو التحريم السّابق كما أنها اختياريّة بالاختيار السّابق و ليست واجبة أو محرمة بإيجاب مقارن أو تحريم مقارن كما أنها ليست اختيارية باختيار مقارن و قد مرّ التنبيه على ذلك في بحث المقدّمة و عن الثاني أنّ حكم العقل بقبح التكليف بالمحال و طلبه يعم كلا من الصّورتين كما يعمّهما ما دل على عدم وقوعه من الآيات و الأخبار و لا فرق في ذلك بين التكليف الابتلائي و غيره و ربما فرق و هو ناشئ عن قلة التّدبر نعم لا يقبح إيراد صورة الأمر حينئذ من باب التهكم و الإهانة أو حمل المخاطب على التحسّر و التحزّن كما في قوله قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا و قوله تعالى و يدعون إلى السّجود فلا يستطيعون و أمّا ما ورد في بعض الأخبار من أنّ من كذب في رؤياه متعمّدا يكلفه اللّه يوم القيامة أن يعقد شعيرة و ما هو بعاقد فالظاهر أنّ التكليف هنا بمعنى بيان طريق التخلّص من عقوبة تلك المعصية أو للتنبيه على العجز عن التخلص كالعجز عن عقد الشعيرة و ربما يحتمل أن يكون عند التكليف متمكنا من عقدها لكنه لا يفعله لصعوبته عليه حتى إنه يستهل العقوبة بالنّسبة إليه و لعله من ذلك و أمثاله نشأ الوهم‌

تتميم‌

نفي التكليف بالمحال يعمّ سائر المذاهب و الأديان و أمّا التكليف بما فيه عسر و حرج فنفي في شريعتنا و يدل عليه بعد الإجماع قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج و قال تعالى يريد اللّه بكم اليسر و لا يريد بكم العسر و قال (صلى اللَّه عليه و آله) بعثت بالحنيفيّة السّهلة السّمحة إلى غير ذلك من الآيات و الأخبار و بالجملة فالمستفاد منها قاعدة كلية هي أنه تعالى لم يكلّف هذه الأمة بالتكاليف الشاقة و إنما كلفهم بما دون الطّاقة فكل حكم يؤدّي إلى العسر و الحرج بالنسبة إلى أكثر موارده و أغلب أفراده مرتفع عنا من أصله حتى بالنسبة إلى الموارد التي لا يترتب عليه فيها عسر و حرج إذ إناطة الحكم حينئذ بصورة تحقق العسر و الحرج مؤدية أيضا إلى العسر و الحرج أ لا ترى أنه لو أجيز لنا الأكل أو الشرب أو النظر أو النّوم أو الكلام أو المشي أو ما أشبه ذلك بقدر ما يندفع به العسر و الحرج لأدّى إلى العسر و الحرج و أمّا الأحكام التي لا تؤدي إلى ذلك إلاّ نادرا فنفيها مقصور على الموارد التي يتحقق فيها العسر و الحرج و مقدر بما يندفع به الضرورة كأكل الميتة في المخمصة و شرب المتنجس عند العطش الشديد و ما أشبه ذلك فلا يتعدى إلى غيرها و لا فيها إلى ما يزيد على القدر الضّرورة إذ إناطة دفع المنع هنا بما يندفع به الحرج مما لا حرج فيه لندرة مورده قال جل شأنه و قد فصل لكم ما حرّم عليكم إلاّ ما اضطررتم إليه و قال تعالى ذكره فمن اضطرّ في مخمصة غير متجانف لإثم فإنّ اللّه غفور رحيم ثم إنّه لما كان المستفاد من الآيات و الأخبار المتعلقة بالمقام أنّ القاعدة المذكورة مطردة في جميع جزئياتها غير مخصّصة في شي‌ء من مواردها ليتم المنة على هذه الأمة من بين الأمم برفع الإصر عنهم كما سيأتي التنبيه عليه فربما توجّه الإشكال عليها باعتبار أنّ جملة من الأعمال الشاقة قد ثبت التكليف بها في هذه الشريعة فلا بد من التنبيه عليها و على دفعها فمنها الجهاد و هو من أشق الأعمال لما فيه من تحمل الجروح و إتلاف النفوس و الأموال و وجوبه عند تحقق شرائطه معلوم من الدين و الجواب أنّ المعتبر في المقام ما يكون فيه حرج و ضيق على أغلب الأنام فلا عبرة بالنّادر منهم نفيا و إثباتا و لا ريب أن الاقتحام في الحروب مما يستسهله و يتعاطاه أكثر الناس لدفع العاد عن نفسه و حماية ماله أو من ينتسب إليه من أهله و عشيرته أو لتشييد أركان من يصله ببعض العطايا و ينعم عليه ببعض الهدايا بإذلال مخالفيه و إهلاك من يعاديه و لا ريب أن هذه الدواعي متحققة في نفس المؤمن بالنسبة إلى جهاد الكفار مع ما له فيه من رجاء الفوز بعظيم الأجر و جسيم الذخر فينبغي أن يكون في حقه أسهل و كذا الحال في وجوب المدافعة عن النبي (صلى اللَّه عليه و آله) و الإمام (عليه السلام) و تحمل ما يتوجّه إليهما من الأعداء من الطعن و النبل و غير ذلك و إن علم بأدائه إلى التلف كما فعله أصحاب الحسين (عليه السلام) أعلى اللّه درجتهم و شكر سعيهم يوم الطف هذا و يمكن أن يقال يختلف صدق العمر و الحرج باختلاف المصالح المقتضية للتكليف بالفعل فرب فعل عسر يعدّ سهلا بالنسبة إلى ما يترتب عليه من المصالح الجليلة و ربما يعدّ ما دونه عسرا بالنّسبة إلى قلة ما يترتب عليه من المصالح أ لا ترى أنّ العبد مع كونه معدا للقيام بمصالح سيّده و حوائجه لو أمره بمسير أيّام لتحصيل مال يسير له كعشر درهم بحيث لا يكون مقصوده إلا تحصيل ذلك عدّ ذلك حرجا و تضييقا على العبد و لو أمره بمسير شهر لتحصيل أموال كثيرة له لم يعد حرجا و تضييقا عليه فكذلك العباد مخلوقون للقيام بمحاسن الأعمال و التحرز عن قبائحها فإذا قل حسن الفعل أو الترك و صعب على المكلف و لم يكن هناك ما يحسن تكليفه من جهة الاختيار كان التكليف به حرجا و إذا كمل حسنه و تناهى فيه لم يكن الأمر به حرجا و إن صعب على المكلف و يشكل بأن مصالح الامتثال لأوامره تعالى و نواهيه بأسرها جليلة لما فيه من الفوز بالمثوبات الباقية و الوصول إلى الدّرجات العالية بل أقلّ تلك المثوبات أعظم من تحصيل جلّ فوائد الدنيا بل كلها فينبغي أن يستسهل فيه جميع الصّعاب فلا يبقى أثر للقاعدة المسطورة و هو مخالف للآيات المذكورة و يمكن دفعه بأن تلك‌

المثوبات و إن كانت في نفسها جليلة إلا أنّ أكثر العباد لحجبهم عنها و ضعف يقينهم بها مع غلبة حبّ الواجدة عليهم و تطبعهم على مراعاة المصالح الظاهرية لو كلفوا بتحصيلها بمزاولة

نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 334
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست