responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 335

أعمال شاقة عرية عن المصالح الظاهرية عدّ ذلك في العرف و العادة حرجا و ضيقا بخلاف ما لو كلفوا بتحصيلها بمزاولة أعمال شاقة مشتملة على مصالح ظاهرة كالجهاد المشتمل على إطفاء نائرة القوة الغضبيّة المنبعثة من المعادات الدّينية مع ما فيه من تحصيل المنافع الدنيويّة فإنّ الأمر بمثل ذلك لا يعدّ حرجا بل ربما يعد المنع منه في حق كثير من النّاس حرجا و ممّا يؤيّد ما ذكرنا أنّ الشارع قد أباح ارتكاب بعض المحرّمات عند خوف الضّرر اليسير كتناول الماء المتنجّس عند خوف حمى يوم مثلا بتركه و لم يبح بمثل ذلك الزنا لا سيّما بالمحارم كالأم و الأخت و منها مجاهدة النفس في اختيار دين الحق و وجوبها معلوم بالضرورة و إن شق على النفس مشقة مفرطة بل قد يكون أشق من إتلاف النفس و لهذا كان بعض الكفار تمكن نفسه للقتل بعد الأسر و لا يختار الإسلام ليسلم منه و لو لا صعوبة الإسلام عليه من جهة حميّة الجاهلية عليه بحيث يستسهل دونه الموت مع ظهور ما فيه من المشقة الشديدة على النفس لما أصرّ على الكفر و قد حكى اللّه سبحانه عن بعض الكفار بقوله و إذ قالوا اللهمّ إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السّماء أو ائتنا بعذاب أليم و قال بعض أهل النّفاق النّار و لا العار و كذا الحال في وجوب دفع النّفقات و الصّدقات الواجبة على من تناهى في البخل و شح النفس فإنه قد يشق عليه دفعها مشقة لا يتحمل مثلها عادة و مع ذلك يثبت الوجوب في حقه و الجواب أن المشقة الناشئة من جهة خبث الأخلاق و رذالتها غير معتبرة في المقام و إنما العبرة بالمشقة الناشئة من جهة ضعف البدن أو صعوبة العمل في نفسه لأنّ هذا هو المتبادر من أدلّة نفي العسر و الحرج و حكمة الفرق بين الأمرين ظاهرة فإن المشقة في الأول ناشئة من قبل المكلف لا من قبل التكليف و من هنا يتجه أن يقال إن التكليف في الفرض المذكور لا يعدّ عرفا تكليفا بما فيه ضيق و حرج أ لا ترى أن السّلطان لو ألزم من تناهى في البخل بدفع الخراج لم يعدّ عرفا مضيقا عليه و إن شق على المعطي لبخله مشقة لا يتحمل مثلها عادة و من هذا البيان يظهر وجه نقض آخر عن تكليف من يشق عليه الجهاد فإنّ منشأه غلبة صفة الجبن عليه و هي صفة رذيلة لا عبرة بالمشقة الحاصلة من جهتها في المقام و منها تمكين النفس من القصاص و الحدّ في موارد وجوب التمكين منهما مع ما فيها من المشقة الشديدة بل هذه المشقة أشق من المشقة الشّديدة الواردة على النفس من الاغتسال في البرد الشديد مع أنه يحكم بسقوط وجوبه حينئذ إذا كانت مشقة لا يتحمل مثلها عادة عملا بالقاعدة المذكورة و لهذا لو خير المكلف بينه و بين التمكين من القصاص مثلا آثره عليه و الجواب أن المتبادر مما دل على نفي العسر و الحرج نفيهما عن المكلفين ابتداء دون ما يكون مستندا إليهم بسوء اختيارهم و من هنا يتجه أن يقال بوجوب الغسل في الفرض المذكور إذا استند إلى تعمد المكلف سببه بعد دخول وقت التكليف نعم لو خاف الضرر على نفسه حينئذ بمرض أو موت سقط الوجوب عنه بل حرم عليه لا للقاعدة المذكورة بل لما دل على نفي الضّرر و تحريم إلقاء النفس في التهلكة في غير ما استثني ثم الظاهر أن نفي الحرج لم يكن مطردا في جميع الأمم السّابقة بل بعضهم كلفوا بالتكاليف الشاقة كما يدل عليه قوله تعالى و يضع عنهم إصرهم و الأغلال التي كانت عليهم و قوله جل شأنه و لا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا و ظاهر ما ورد من أن بني إسرائيل إذا أصابهم البول قرضوا أبدانهم بالمقاريض و لا ينافي ذلك أنّهم كانوا أبسط منا جسما و أتم قوة فيخرج تلك التكاليف في حقهم عن كونها شاقة مع ما ورد في حديث المعراج من قول موسى (عليه السلام) لنبيّنا في عدد الصّلوات إنّ أمتك لا تطيق ذلك فيشترك نفي الحرج بيننا و بينهم لأن المستفاد من الآيات و الأخبار أنّ تلك التكاليف كانت بالنسبة إليهم شاقة و ليس في الرواية على تقدير تسليمها ما يدل على طاقة غير أمته (صلى اللَّه عليه و آله) ذلك و لو سلم فلعلّ الوجه في عدم طاقتهم ذلك كونهم مكلفين بالمعاشرة و ترك الرهبانية و تحصيل المعاش و ذلك مناف غالبا للقيام بوظائف الصّلوات الكثيرة بخلاف بعض الأمم السّابقة فإن الرهبانية و العزلة كانت مشروعة في حقهم و

ربما كانت أرزاقهم تنزل عليهم من السّماء و كانت أبدانهم أصبر على الشدائد و البلاء و ذلك لا ينافي المقصود و من هنا يظهر أنّ العسر و الحرج منفيان عن شريعتنا بالكلية كما قرّرناه أولا لا أنهما منفيّان بالنسبة إلى أكثر الأحكام المقرّرة فيها و إلا لم يتحقق الفرق لثبوت مثله بالنّسبة إلى تلك الشرائع أيضا إلاّ أن يفرق بشيوع الابتلاء بمواردهما في تلك الشرائع و عمومه للمكلفين بها و ندرة مواردها بالنسبة إلى شريعتنا و اختصاصه بنادر من المكلفين و هذا مما لا محيص عنه على تقدير المنع من بعض الأجوبة المتقدمة و لا ينافي نفي الحرج قاعدة التحسين و التقبيح أما على ما نختاره في ذلك فواضح و أمّا على ما هو المعروف فلجواز أن يتجرد ما يشتمل عليه عنهما و اعلم أنّ الظاهر من أدلة نفي العسر و الحرج انتفاؤهما في التكاليف الأصلية و العارضية بأسباب سائغة فلا يتعلق النذر و شبهه بما يشتمل عليهما حتى إنه لو خصّ مورده به لم ينعقد على الظاهر و كذا الحال في أمر من يجب طاعته شرعا كالمولى فليس له إجبار مملوكه بما فيه عسر و حرج إن كان مسلما أو بحكمه و أمّا الكافر و الحيوان المملوك فالمتجه فيهما الجواز إن لم يكن هناك دليل آخر على المنع ثم اعلم أنّ نفي الحرج و الضيق مختص بالإيجاب و التحريم دون الندب و الكراهة لأنّ الحرج إنما هو في الإلزام لا الترغيب في الفعل لنيل الثواب إذا رخص في المخالفة و لهذا لا يحرم صوم الدّهر غير العيدين و قيام تمام الليل و السّير إلى الحج متسكعا و إيثار الغير

نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الحائري الاصفهاني‌، محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 335
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست