فتعيّـن من خلال ذلك انّ المواضع الأربعة السابقة لا مجال فيها للقول بالتصويب، والرأي الصائب فيها واحد وغيره خاطئ.
إذا عرفت خروج المواضع السالفة الذكر عن محط النزاع، وانّ جمهور الفقهاء ـ إلاّ من شذّ ـ قائلون فيها بالتخطئة، يُعلم منه أنّ النزاع يختص بالمسائل التي لم يرد حكمها في الكتاب والسنّة، فمن قال بأنّ للّه سبحانه في نفس تلك المسائل التي لم يرد فيها نص، حكم مشترك بين الناس، فالآراء عند قياسها به يوصف الموافق منها بالصواب والمخالف بالخطأ، ومن أنكر وجود ذلك الحكمَ المشترك، في نفس المورد يرى الجميع صواباً،وكانَ الحكم الشرعي مفوّضاً إلى تشخيص المجتهد ورؤيته، فيصح الجميع على حد سواء.
وممّن صرّح بتخصيص محل النزاع بما لا نص فيه هو الغزالي، قال: قد ذهب قوم إلى أنّ كلّ مجتهد في الظنّيات مصيب، وقال قوم: المصيب واحد، واختلف الفريقان جميعاً في أنّه هل في الواقعة التي لا نصّ فيها، حكم معين للّه تعالى هو مطلوب المجتهد، فالذي ذهب إليه محقّقو المصوّبة انّه ليس في الواقعة التي لانصّ فيها حكم معين يطلب بالظن، بل الحكم يتبع الظن، وحكم اللّه تعالى على كلّ مجتهد، ما غلب على ظنّه وهو المختار، وإليه ذهب القاضي.[2]
إذا عرفت ذلك فنقول:
تضافرت الروايات عن أئمّة أهل البيت انّ للّه سبحانه حكماً مشتركاً في