نام کتاب : الموجز في أُصول الفقه نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 35
وأما الثاني فحاصله: أنّ صيرورة تلك الألفاظ حقائق شرعية على لسان النبيـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يتوقف على الوضع وهو إمّا تعييني أو تعيّني، و الأوّل بعيد جداً، و إلاّ لنقل إلينا، والثاني يتوقف على كثرة الاستعمال التي هي بحاجة إلى وقت طويل، و أين هذا من قصر مدّة عصر النبوّة؟!
يلاحظ عليه: أنّ عصر النبوّة استغرق 23 عاماً، و هي فترة ليست قصيرة لحصول الوضع التعيّني على لسانه، وإنكاره مكابرة .
على أنّ الوضع لا ينحصر في التعييني و التعيّني، بل ثمّة قسم ثالث هو الاستعمال بداعي الوضع ، كما إذا أُقيمت مراسيم احتفال لتسمية المولود الجديد، فقام أبوه يخاطب الأُم بقوله: آتيني بولدي الحسن، فهو بهذا الاستعمال أسماه حسناً، ولعلّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ سلك هذا السبيل حينما قال: «صَلّوا كما رأيتموني أُصلّي». فبنفس الاستعمال وضعَ اللفظَ للمعنى.
و هناك قولان آخران يختلفان مع القولين السابقين في المبنى لكنّهما يشتركان مع القول الثاني في إنكار النقل:
الأوّل: للشيخ الباقلاني[1] و حاصله : أنّ الألفاظ المذكورة باقية على معانيها اللغوية إلى يومنا هذا، و أنّ الشارع تصرّف في كيفيّتها. و هو يسلّم الأمر الأوّل الذي عليه الأُصوليون، و ينكر الأمر الثاني، أي النقل عن معانيها إلى معان أُخر، في عصر النبوّة و مابعدها.
و هو من الوهن بمكان، لأنّ الفرق بين الدعاء اللغوي و الصلاة، أو الفرق بين النمو و الزكاة الواجبة كثير على نحو يجعل المعنى الثاني مغايراً للمعنى اللغوي، فكيف تكون باقية على معانيها اللغويّة؟ فأين القصد من أعمال الحج؟!
[1] أبوبكر محمد بن الطيب بن محمد القاضي المعروف بالباقلاني، بصري، سكن بغداد توفي عام 403هـ.
نام کتاب : الموجز في أُصول الفقه نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 35