تشخيص ذلك الموضوع، أو يكون من باب الاحتياط و تقوية نظره بنظره، أو من باب رفع اليد عن بعض الأغراض لأجل عدم الأهمية به و ترجيح الاستراحة عليه و غير ذلك و قياس التكاليف الإلهية بها مع الفارق.
نعم يمكن ان يقال ان رجوع الجاهل في كل صنعة إلى الخبير فيها انما هو لأجل إلقاء احتمال الخلاف و كون نظره مصيبا فيه نوعا و مبنى العقلاء فيه هو المبنى في العمل على أصالة الصحة و خبر الثقة و اليد و أمثالها، و هذا محقق في الجاهل الّذي له قوة الاستنباط و غيره (نعم) الناظر في المسألة إذا كان نظره مخالفا لغيره لا يجوز له الرجوع إليه لتخطئة اجتهاده في نظره و اما غيره فيجوز له الرجوع إليه بمناط رجوع الجاهل إلى العالم و هو إلقاء احتمال الخلاف، لكنه محل إشكال خصوصا مع ما يرى من كثرة اختلاف نظر الفقهاء في الأحكام و لهذا يحتمل ان يكون للانسداد دخالة في ذلك الرجوع، و يحتمل ان يكون مبنى المسألة سيرة المتشرعة و القدر المتيقن منها غير ما نحن فيه، و المسألة مشكلة و سيأتي مزيد توضيح إن شاء اللَّه.
[الثاني] في بيان شرائط الاجتهاد
الثاني موضوع جواز العمل على رأيه بحيث يكون مثابا أو معذورا في العمل به عقلا و شرعا هو تحصيل الحكم الشرعي المستنبط بالطرق المتعارفة لدى أصحاب الفن أو تحصيل العذر كذلك، و هو لا يحصل الا بتحصيل مقدمات الاجتهاد و هي كثيرة:
منها العلم بفنون العلوم العربية بمقدار يحتاج إليه في فهم الكتاب و السنة، فكثيرا ما يقع المحصل في خلاف الواقع لأجل القصور في فهم اللغة و خصوصيات كلام العرب لدى المحاورات، فلا بد له من التدبر في محاورات أهل اللسان و تحصيل علم اللغة و سائر العلوم العربية بالمقدار المحتاج إليه.
و منها الأنس بالمحاورات العرفية و فهم الموضوعات العرفية مما جرت محاورة الكتاب و السنة على طبقها و الاحتراز عن الخلط بين دقائق العلوم و العقليات الرقيقة و بين المعاني العرفية العادية، فإنه كثيرا ما يقع الخطاء لأجله كما يتفق كثيرا لبعض